والرقيب: هو الذي لا يغفل ولا ينام، أحاط بصره بكل شيء، أدنى حفيظ وأقرب شهيد، وهو الذي من الأسرار قريب، وعند الاضطرار يجيب، وهو المطلع على الضمائر، الشاهد على الأسرار، وهو الذي يعلم ويرى ولا يخفى عليه السر والنجوى، وهو تعالى الذي يسبق علمه جميع المحدثات وتتقدم روايته جميع المكونات، الحاضر الذي لا يغيب، قال تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ}[البقرة: ٢٣٥].
وقال عز وجل:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: ٤]، وقال تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}[العلق: ١٤] وقال عز وجل: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}[الطور: ٤٨] وقال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر: ١٩]، إلى غير ذلك من الآيات.
مظاهر اسمه تعاله الرقيب
الله عز وجل رقيب على السماوات وما فيهن من كواكب ونجوم، يحفظها من أن يخرج منها جرم عن موضعه الذي أقامه فيه، أو ينقص من سرعته التي أجراها بها وأداره عليها، أو ينحرف عن اتجاهه الذي وجهه إليه، لا تشغله الرقابة على كبارها عن الرقابة على صغارها، ولا يعوقه حفظ قريبها عن حفظ بعيدها، وهو سبحانه رقيب على كل شيء، ولا يخفى عليه شيء، يرقب أشعة الشمس في اختلاط ألوانها حتى لا يطغى بعضها على بعض، وحتى يظل الظاهر منها ظاهرًا والخفي منها خفيًا.
يرقب الأرض في دورتها حول نفسها أمام الشمس حتى لا تنحرف عن مدارها الذي رسمه، وحتى تحتفظ بالسرعة التي خصها بها، يرقبها في إنبات نباتها وجريان أنهارها، ويرقب الأجرام السماوية أن تقع على الأرض، إذ لو وقع أصغر جرم منها على الأرض لدكها دكًّا وصيرها هباء منثورا، ويرقب البحار أن تطغى على اليابسة إذ لو طغت عليها لأصبحت الكرة الأرضية كلها بحرا يعج عجاجه وتصطخب أمواجه، ويرقب الأجنة في بطون أمهاتها وتطورها في خلقها ونموها وتغذيتها وتمامها وخروجها من ظلمات الأرحام.
وهو عز وجل يرقب القلوب في نبضاتها، وتوزيعها الدم في دورته في الأجسام وتحول الدم إلى أنسجة وخلايا.
وهو عز وجل يرقب خطرات الأفكار وخلجات الأنفس وهجسات الضمائر،