للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - السماحة:

جاء أحد جلساء أبي حنيفة إليه، وقال: إني بحاجة إلى ثوب خز يا أبا حنيفة.

فقال له: ما لونه؟ فقال: كذا وكذا.

فقال: اصبر حتى يقع لي فآخذه لك، فما إن دارت الجمعة حتى وقع له الثوب المطلوب، فمر به صاحبه، فقال له أبو حنيفة: قد وقعت لي حاجتك .. وأخرج إليه الثوب فأعجبه وقال: كم أدفع لغلامك ثمنه؟ فقال: درهمًا، فقال الرجل في استغراب: درهمًا واحدًا؟ فقال أبو حنيفة: نعم، فقال له الرجل: ما كنت أظنك تهزأ بي يا أبا حنيفة، فقال أبو حنيفة: ما هزئت بك، وإنما اشتريت هذا الثوب وآخر معه بعشرين دينارًا ذهبًا، ودرهم من الفضة، وقد بعت أحد الثوبين بعشرين دينارًا ذهبًا، وبقي عليَّ هذا بدرهم واحد، وما كنت أربح على جليسي (١).

٣ - تذكر الموت:

لقي الفضيل بن عياض رجلاً فقال له الفضيل: أيها الرجل كم عمرك؟

قال الرجل: ستون سنة.

قال الفضيل: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى الله يوشك أن تلقاه.

قال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.

قال الفضيل: هل تعلم معنى تلك الكلمة.

قال الرجل: نعم أعلم أني لله عبد وأني إليه راجع.

قال الفضيل: يا هذا من علم أنه لله عبد، وأنه إليه راجع فليعلم أنه بين يديه موقوف، ومن علم أنه بين يديه موقوف فليعلم أنه بين يديه مسئول، ومن علم أنه بين يديه مسئول فليعد للسؤال جوابًا.

قال الرجل: فما الحيلة يرحمك الله؟

قال الفضيل: أن تتقي الله فيما بقي يغفر الله لك ما قد مضى وما قد بقي (٢).


(١) صور من حياة التابعين (٤٨٧ - ٤٨٨).
(٢) مواقف من حياة الأنبياء والصحابة والتابعين (٧٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>