للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - النميمة

قال بعض الحكماء: النميمة تهدي إلى القلوب البغضاء، ومن واجهك فقد شتمك، ومن نقل إليك، فقد نقل عنك، والساعي بالنميمة كاذب لمن يسعى إليه، وخائن لمن يسعى به.

وقال الشاعر:

احفظ لسانك لا تؤذ به أحدًا ... من قال في الناس عيب قيل فيه بمثله

يقول ابن الجوزي: اتق الله، واشتغل بعيوبك عن عيوب الناس، ولا تكن كمثل الذباب الذي لا يعرج على المواضع السليمة من الجسد، ولا ينزل عليها، وإنما يقع على القروح فيدميها.

فمن بحث عن مساويء الناس، واتبع عوراتهم، واشتغل بعيب غيره، وترك عيبه، سلط الله تعالى عليه من يبحث في عيبه، ومساوئه ليشهرها، ويتبع عوراته ويبديها وينشرها.

عن أبي برزة السلمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته" [رواه أحد].

الصمت نفع والكلام مضرة ... فلرب صمت في الكلام شفاء

فإذا أردت من الكلام شفاء ... لسقام قلبك فالقرآن دواء

يقول صاحب الإحياء: كل من حُملت إليه نميمة وقيل له: إن فلانًا قال فيك كذا وكذا فعليه ستة أمور:

الأول: أن لا يصدقه؛ لأن النمام كذاب وفاسق، وهو مردود الشهادة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: ٦].

الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبحه؛ لقوله تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [لقمان: ١٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>