وللتشكيك في الأحكام قالوا عن الذبائح: ما قتلتم أنتم بأيديكم تحلونه وما قتله الله تحرمونه؟! فأنزل الله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام: ١٢١].
٢ - الثبات في وجه المغريات:
وهي كذلك من أسلحة الباطل المعروفة التي لا تؤثر في رجال باعوا أنفسهم وأموالهم لله، ووقفوا حياتهم لنصرة دينه ومنهجه، وأحبوا الحق وذابوا فيه فصغرت الدنيا في أعينهم بمناصبها وأموالها، وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد على قومه وقد أغروه بالمال والجاه لترك دعوته:"والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه".
خالد بن سعيد
بمجرد أن أسلم خالد بن سعيد - رضي الله عنه - تعرض للبلاء الشديد، فلما علم أبوه بإسلامه أرسل إليه مولاه رافعًا أخويه أبان وعمرًا، فرأوه يصلي فامتلأت قلوبهم نورًا لهذا المشهد المهيب الذي رأوه، وعاد معهم خالد إلى أبيه فلما علم بإسلامه أمره أن يترك هذا الدين العظيم فأبى خالد بكل عزة. فقال له أبوه: إذن أحرمك من رزقي، فقال له خالد: الله خير الرازقين. فطفق والده يضربه ضربًا شديدًا حتى سالت الدماء الشريفة من هذا الجسد الطيب المبارك ثم أوثقه وزج به في غرفة مظلمة ومنع عنه الطعام والشراب ثلاثة أيام. ثم جاءه في اليوم الرابع نفر من أهله وقالوا: كيف أنت يا خالد؟ فقال: إني أتقلب في نعم الله عز وجل. فقالوا: أما آن لك أن تثوب إلى رشدك، وتطيع أباك؟! فقال: أما رشدي فما فارقني وما فارقته، وأما أبي فلا أطيعه فيما يعصى الله به عز وجل، فقالوا: قل لأبيك كلمة ترضيه في اللات والعزى يفرج عنك، فقال: إن اللات والعزى حجران أصمان أبكمان، وإني لا أقول فيهما إلا ما يرضي الله ورسوله، وليفعل بي ما يشاء.
شد "أبو أُحيحة" وثاق خالد، وأمر أتباعه أن يخرجوا به كل يوم عند الهاجرة إلى بطحاء مكة وأن يلقوه بين الحجارة حتى تصهره الشمس، فكان كلما أخرجوه وألقوه في