فقال: بئس الأخ أخ يرعاك غنيًا ويقطعك فقيرًا، ثم أمر غلامه فخرج كيسًا فيه سبعمائة درهم فقال: استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني.
وكان رحمه الله يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب، ويكسوهم الثياب الحسنة، ويهب لهم الدراهم، فتقول له مولاته سلمى: ما تصنع؟ فيقول لها: يا سلمى ما يؤمل في الدنيا بعد المعارف والإخوان؟
ولقى حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما -بعدما قتل الزبير- فقال: كم ترك أخي عليه من الدين؟
قال: ألفي ألف.
قال: عليّ منها ألف ألف.
قال الحسن: كنا نعد البخيل الذي يقرض أخاه!!
وقال: ليس من المروءة أن يربح الرجل على صديقه.
وجاء رجل من السلف الصالح إلى بيت صديق له، فخرج إليه فقال: ما جاء بك؟
قال: علي أربعمائة درهم، فدخل الدار فوزنها، ثم خرج فأعطاه، ثم عاد إلى الدار باكيًا، فقالت زوجته: هلا تعللت عليه، إذا كان إعطاؤه يشق عليك؟
فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله، فاحتاج أن يقول ذلك.
وقال علي: لئن أجمع نفرًا من أصحابي على صاع أو صاعين من طعام أحب إلي من أن أخرج إلى سوقكم فأعتق نسمة (١).
ولله در أبي سليمان الداراني حين يقول، لو أن الدنيا كلها لي في لقمة، ثم جاءني أخ لأحببت أن أضعها في فيه.
ودخل مالك بن دينار ومحمد بن واسع منزل الحسن وكان غائبًا، فأخرج محمد بن واسع سلة فيها طعام من تحت سرير الحسن فجعل يأكل، فقال له مالك: كُفْ يدك حتى يجيء صاحب البيت، فلم يلتفت محمد إلى قوله وأقبل على الأكل، وكان مالك أبسط منه وأحسن خلقًا، فدخل الحسن وقال: هكذا كنا لا يحتشم بعضنا بعضًا حتى ظهرت أنت