للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عمر: ويحك وما صيَّرها إلى ما أرى؟ قال له ابنه: منعك ما عندك.

فقال عمر: إنك والله ما لك عندي غير سهمك في المسلمين وسعك أو أعجزك! هذا كتاب الله بيني وبينكم (١).

غض البصر عبادة

قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] مِنْ للتبعيض؛ لأن من النظر ما يباح.

وكره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته، وزمانه خير من زماننا هذا!! وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرم نظر شهوة يرددها (٢).

وخرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجين من المدينة، ومعهم أصحاب لهم حتى إذا كانوا بالأبواء نزلوا منزلاً.

فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجاتهم، وبقي عطاء قائمًا في المنزل يصلي، فدخلت عليه امرأة من الأعراب جميلة، فلما رآها عطاء ظن أن لها حاجة، فأوجز في صلاته، ثم قال: ألك حاجة؟

قالت: نعم.

قال: ما هي؟

قالت: قم فأصب مني.

فقال: إليك عني لا تحرقيني ونفسك بالنار.

ونظر إليها فوجدها امرأة جميلة، فجعلت تراوده عن نفسه، وتأبى إلا ما تريد.

وظل عطاء يبكي ويقول: ويحك! إليك عني، واشتد بكاؤه، فلما نظرت المرأة إليه وما دخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه، فجعل يبكي والمرأة بين يديه تبكي.

فبينما هو كذلك جاء سليمان من حاجته، فلما نظر إلى عطاء يبكي، والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت، بكى لبكائهما لا يدري ما أبكاهما، وجعل أصحابهما يأتون رجلاً


(١) من روائع حضارتنا: ٥١ - ٥٢.
(٢) تفسير القرطبي: (٧/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>