للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْ الشُّهُودِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ شُهُودَ زُورٍ عَلَى أَنَّ فُلَانَةَ تَزَوَّجَتْهُ بِوَلِيٍّ وَرِضًا فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَهِيَ لَهُ حَلَالٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ هَذِهِ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَهِيَ حَلَالٌ لِمَنْ تَزَوَّجَهَا مِمَّنْ يَدْرِي بَاطِنَ الْأَمْرِ، فَتَرَكُوا مَحْضَ الْقِيَاسِ وَقَوَاعِدَ الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ نَاقَضُوا فَقَالُوا: لَوْ شَهِدُوا لَهُ زُورًا بِأَنَّهُ وَهَبَ لَهُ مَمْلُوكَتَهُ هَذِهِ أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِذَلِكَ، ثُمَّ نَاقَضُوا بِذَلِكَ أَعْظَمَ مُنَاقَضَةٍ فَقَالُوا: لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْمُطَلِّقِ وَكَانَا كَاذِبَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ وَحَبْسُهَا عَلَى زَوْجِهَا أَعْظَمُ مِنْ حَبْسِهَا عَلَى عِدَّتِهِ، فَأَحَلُّوهَا فِي أَعْظَمِ الْعِصْمَتَيْنِ، وَحَرَّمُوهَا فِي أَدْنَاهُمَا، وَحُرْمَةُ النِّكَاحِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْعِدَّةِ.

وَقُلْتُمْ: لَا يُحَدُّ الذِّمِّيُّ إذَا زَنَا بِالْمُسْلِمَةِ وَلَوْ كَانَتْ قُرَشِيَّةً عَلَوِيَّةً أَوْ عَبَّاسِيَّةً وَلَا بِسَبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ وَدِينِهِ جَهْرَةً فِي أَسْوَاقِنَا وَمَجَامِعِنَا، وَلَا بِتَخْرِيبِ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ أَنَّهَا الْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ، وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَعْصُومُ الْمَالِ وَالدَّمِ، حَتَّى إذَا مَنَعَ دِينَارًا وَاحِدًا مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْجِزْيَةِ وَقَالَ: " لَا أُعْطِيكُمُوهُ " انْتَقَضَ بِذَلِكَ عَهْدُهُ، وَحَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقُلْتُمْ: لَوْ سَرَقَ لِمُسْلِمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَقُطِعَتْ يَدُهُ، وَلَوْ قَذَفَهُ حُدَّ بِقَذْفِهِ، فَيَا لِلْقِيَاسِ الْفَاسِدِ الْبَاطِلِ الْمُنَاقِضِ لِلدِّينِ وَالْعَقْلِ الْمُوجِبِ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي يَكْفِي فِي رَدِّهَا تَصَوُّرُهَا، كَيْفَ اسْتَجَازَ الْمُسْتَجِيزُ تَقْدِيمَهَا عَلَى السُّنَنِ وَالْآثَارِ؟ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَأَجَزْتُمْ شَهَادَةَ الْفَاسِقَيْنِ وَالْمَحْدُودَيْنِ فِي الْقَذْفِ وَالْأَعْمَيَيْنِ فِي النِّكَاحِ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ فَقُلْتُمْ: لَوْ شَهِدَ فِيهِ عَبْدَانِ صَالِحَانِ عَالِمَانِ يُفْتِيَانِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ بِشَهَادَتِهِمَا، فَمَنَعْتُمْ انْعِقَادَهُ بِشَهَادَةِ مَنْ عَدَّلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَقَدْتُمُوهُ بِشَهَادَةِ مَنْ فَسَّقَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَنَعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ.

وَقُلْتُمْ: لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ غَصَبَ عَمْرًا مَالًا أَوْ شَجَّهُ أَوْ قَذَفَهُ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِأَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ بَاعَهُ وَشَهِدَ آخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ وَقُضِيَ عَلَيْهِ.

وَقُلْتُمْ: لَوْ قَالَ لَهُ: " بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ " فَإِذَا هُوَ جَارِيَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، فَلَوْ قَالَ: " بِعْتُكَ هَذِهِ النَّعْجَةَ بِعَشَرَةٍ " فَإِذَا هِيَ كَبْشٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، ثُمَّ فَرَّقْتُمْ بِأَنْ قُلْتُمْ: الْمَقْصُودُ مِنْ الْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ مُخْتَلِفٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ النَّعْجَةِ وَالْكَبْشِ مُتَقَارِبٌ وَهُوَ اللَّحْمُ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُنْثَى لَا يُوجَدُ فِي الذَّكَرِ، وَعَسْبُ الْفَحْلِ وَضِرَابُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لَا يُوجَدُ فِي الْأُنْثَى، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ أَبْيَنَ مُنَاقَضَةٍ بِأَنْ قُلْتُمْ: لَوْ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>