أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِيهَا بِعَشْرٍ عَشْرٍ؛ فَتَرَكَ قَوْلَهُ وَرَجَعَ إلَيْهِ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ شَأْنُ الِاسْتِئْذَانِ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِهِ أَبُو مُوسَى وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ تَوْرِيثُ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا حَتَّى كَتَبَ إلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ - وَهُوَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، وَخَفِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ إمْلَاصِ الْمَرْأَةِ حَتَّى سَأَلَ عَنْهُ فَوَجَدَهُ عِنْدَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْمَجُوسِ فِي الْجِزْيَةِ حَتَّى أَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ سُقُوطُ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَنْ الْحَائِضِ فَكَانَ يَرُدُّهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ثُمَّ يَطُفْنَ حَتَّى بَلَغَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ ذَلِكَ فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ دِيَةِ الْأَصَابِعِ وَكَانَ يُفَاضِلُ بَيْنَهَا حَتَّى بَلَغَتْهُ السُّنَّةُ فِي التَّسْوِيَةِ فَرَجَعَ إلَيْهَا، وَخَفِيَ عَلَيْهِ شَأْنُ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَكَانَ يَنْهَى عَنْهَا حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهَا فَتَرَكَ قَوْلَهُ وَأَمَرَ بِهَا.
وَخَفِيَ عَلَيْهِ جَوَازُ التَّسَمِّي بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ فَنَهَى عَنْهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِهِ طَلْحَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنَّاهُ أَبَا مُحَمَّدٍ فَأَمْسَكَ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَى النَّهْيِ، هَذَا وَأَبُو مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ مِنْ أَشْهَرِ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ لَمْ يَمُرَّ بِبَالِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمْرٌ هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَهَى عَنْهُ، وَكَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] وَقَوْلُهُ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤] حَتَّى قَالَ: وَاَللَّهِ كَأَنِّي مَا سَمِعْتُهَا قَطُّ قَبْلَ وَقْتِي هَذَا، وَكَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ عَلَى مَهْرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَنَاتِهِ حَتَّى ذَكَّرَتْهُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] فَقَالَ: كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ حَتَّى النِّسَاءُ، وَكَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْجَدِّ وَالْكَلَالَةِ وَبَعْضِ أَبْوَابِ الرِّبَا فَتَمَنَّى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَهِدَ إلَيْهِمْ فِيهَا عَهْدًا.
وَكَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ وَأَصْحَابِهِ بِدُخُولِ مَكَّةَ مُطْلَقٌ لَا يَتَعَيَّنُ لِذَاكَ الْعَامِ حَتَّى بَيَّنَهُ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَكَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ جَوَازُ اسْتِدَامَةِ الطَّيِّبِ لِلْمُحْرِمِ وَتُطَيِّبُهُ بَعْدَ النَّحْرِ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَدْ صَحَّتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ، وَكَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْقُدُومِ عَلَى مَحَلِّ الطَّاعُونِ وَالْفِرَارِ مِنْهُ حَتَّى أُخْبِرَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، فَإِذَا وَقَعَ وَأَنْتُمْ بِأَرْضٍ فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا مِنْهُ» هَذَا وَهُوَ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بَعْدَ الصِّدِّيقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ " لَوْ وُضِعَ عِلْمُ عُمَرَ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ وَجُعِلَ عِلْمُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ عِلْمُ عُمَرَ " قَالَ الْأَعْمَشُ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنِّي لَأَحْسَبُ عُمَرَ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ.
وَخَفِيَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ حَتَّى ذَكَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] مَعَ قَوْلِهِ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute