للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْوَاعُ السُّنَنِ وَأَمْثِلَةٌ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا]

وَأَيْضًا فَالْعَمَلُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ لَمْ يُعَارِضْهُ نَصٌّ وَلَا عَمَلٌ قَبْلَهُ وَلَا عَمَلُ مِصْرٍ آخَرَ غَيْرُهُ، وَعَمَلٌ عَارَضَهُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ؛ فَإِنْ سَوَّيْتُمْ بَيْنَ أَقْسَامِ هَذَا الْعَمَلِ كُلِّهَا فَهِيَ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ الَّتِي فَرَّقَ النَّصُّ وَالْعَقْلُ بَيْنَهَا، وَإِنْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ فَارِقٍ بَيْنَ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ مِنْهَا وَمَا هُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَلَا تَذْكُرُونَ دَلِيلًا قَطُّ إلَّا كَانَ دَلِيلَ مَنْ قَدَّمَ النَّصَّ أَقْوَى، وَكَانَ بِهِ أَسْعَدَ. وَأَيْضًا فَإِنَّا نُقَسِّمُ عَلَيْكُمْ هَذَا الْعَمَلَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِيَتَبَيَّنَ بِهِ الْمَقْبُولُ مِنْ الْمَرْدُودِ فَنَقُولُ: عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِجْمَاعُهُمْ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ وَالْحِكَايَةِ، وَالثَّانِي: مَا كَانَ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ؛ فَالْأَوَّلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا: نَقْلُ الشَّرْعِ مُبْتَدَأٌ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا: نَقْلُ قَوْلِهِ، وَالثَّانِي: نَقْلُ فِعْلِهِ، وَالثَّالِثُ: نَقْلُ تَقْرِيرِهِ لَهُمْ عَلَى أَمْرٍ شَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ أَوْ أَخْبَرَهُمْ بِهِ، الرَّابِعُ: نَقْلُهُمْ لِتَرْكِ شَيْءٍ قَامَ سَبَبُ وُجُودِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ. الثَّانِي: نَقْلُ الْعَمَلِ الْمُتَّصِلِ زَمَنًا بَعْدَ زَمَنٍ مِنْ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الثَّالِثُ: نَقْلٌ لِأَمَاكِنَ وَأَعْيَانَ وَمَقَادِيرَ لَمْ تَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهَا.

[نَقْلُ الْقَوْلِ وَطَرِيقَةُ الْبُخَارِيِّ فِي تَرْتِيبِ صَحِيحِهِ] :

وَنَحْنُ نَذْكُرُ أَمْثِلَةَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ؛ فَأَمَّا نَقْلُ قَوْلِهِ فَظَاهِرٌ، وَهُوَ الْأَحَادِيثُ الْمَدَنِيَّةُ الَّتِي هِيَ أُمُّ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، وَهِيَ أَشْرَفُ أَحَادِيثِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ أَبْوَابَ الْبُخَارِيِّ وَجَدَهُ أَوَّلَ مَا يَبْدَأُ فِي الْبَابِ بِهَا مَا وَجَدَهَا، ثُمَّ يُتْبِعُهَا بِأَحَادِيثِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَهَذِهِ كَمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ، وَابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَالزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.

[نَقْلُ الْفِعْلِ]

أَمَّا نَقْلُ فِعْلِهِ فَكَنَقْلِهِمْ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَأَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ كُلَّ عِيدٍ إلَى الْمُصَلَّى فَيُصَلِّي بِهِ الْعِيدَ هُوَ وَالنَّاسُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُهُمْ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ وَظَهْرُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَوَجْهُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>