للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَأَذَابُوهَا فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» أَذَابُوهَا حَتَّى أَزَالُوا عَنْهَا اسْمُ الشَّحْمِ، وَقَدْ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ صَالِحٍ: عَجِبْت مِمَّا يَقُولُ أَرْبَابُ الْحِيَلِ فِي الْحِيَلِ فِي الْأَيْمَانِ، يُبْطِلُونَ الْأَيْمَانَ بِالْحِيَلِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: ٩١] وَقَالَ: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧] وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَمْرُ هَذِهِ الْحِيَلِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَقَدْ سَأَلَهُ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ عَلَى دَرَجَةٍ إنْ صَعِدْت أَوْ نَزَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، " قَالُوا: تُحْمَلُ حَمْلًا، فَقَالَ: هَذَا هُوَ الْحِنْثُ بِعَيْنِهِ، لَيْسَتْ هَذِهِ حِيلَةٌ، هَذَا هُوَ الْحِنْثُ، وَقَالُوا: إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ بِسَاطًا يَطَأُ بِسَاطَيْنِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا يُحْمَلُ، فَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْجَبُ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: فِي كِتَابِ الْحِيَلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْأَمَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُقْنِعَ بِهَا يُعْتِقُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَعْجَبَ هَذَا، أَبْطَلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَّةَ، جَعَلَ اللَّهُ عَلَى الْحَرَائِرِ الْعِدَّةَ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ، فَلَيْسَ مِنْ امْرَأَةٍ تَطْلُقُ أَوْ يَمُوتُ زَوْجُهَا إلَّا تَعْتَدُّ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ، فَفَرْجٌ يُوطَأُ يَشْتَرِيه ثُمَّ يُعْتِقُهُ عَلَى الْمَكَانِ فَيَتَزَوَّجُهَا فَيَطَؤُهَا.

فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا كَيْفَ يَصْنَعُ؟ يَطَؤُهَا رَجُلٌ الْيَوْمَ وَيَطَؤُهَا الْآخَرُ غَدًا؟ هَذَا نَقْضٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُوطَأُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ الْحَامِلِ حَتَّى تَحِيضَ» وَلَا يَدْرِي [هَلْ] هِيَ حَامِلٌ أَمْ لَا] سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَسْمَجَ هَذَا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - يَحْكِي عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: شَهِدْت هِشَامًا وَهُوَ يُقْرِئُ كِتَابًا، فَانْتَهَى بِيَدِهِ إلَى مَسْأَلَةٍ فَجَازَهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: دَعُوهُ، وَكَرِهَ مَكَانِي، فَتَطَلَّعْت فِي الْكِتَابِ، فَإِذَا فِيهِ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَفَّ عَلَى ذَكَرِهِ حَرِيرَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ جَامَعَ امْرَأَتَهُ نَهَارًا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ.

فَصْلٌ

[مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْحِيَلِ] : وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْحِيَلِ وَتَحْرِيمِهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَ الْوَاجِبَاتِ وَحَرَّمَ الْمُحَرَّمَاتِ لِمَا تَتَضَمَّنُ مِنْ مَصَالِحِ عِبَادِهِ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ؛ فَالشَّرِيعَةُ لِقُلُوبِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْغِذَاءِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ وَالدَّوَاءِ الَّذِي لَا يَنْدَفِعُ الدَّاءُ إلَّا بِهِ، فَإِذَا احْتَالَ الْعَبْدُ عَلَى تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَإِسْقَاطِ مَا فَرَضَ اللَّهُ وَتَعْطِيلِ مَا شَرَعَ اللَّهُ كَانَ سَاعِيًا فِي دِينِ اللَّهِ بِالْفَسَادِ مِنْ وُجُوهٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>