لِعَبْدِهِ: " مَتَى صَالَحْتُ عَلَيْكَ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ الصُّلْحِ " وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: " إنْ صَالَحْت فُلَانًا وَأَنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَاعَةٍ " لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَمْنَعُ صِحَّتَهُ
وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: " مَتَى ضَمِنْتُ عَنْكَ صَدَاقَ امْرَأَتِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ إنْ كُنْتَ فِي حَالِ الضَّمَانِ مَمْلُوكِي " ثُمَّ ضَمِنَ عَنْهُ الصَّدَاقَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَعَتَقَ قَبْلَهُ، وَإِذَا عَتَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُصَادِفْ الضَّمَانُ شَرْطَهُ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَمْلُوكَهُ وَقْتَ الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَصِحَّ الضَّمَانُ عَنْهُ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ، فَكُلٌّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْعِتْقِ تُؤَدِّي صِحَّتُهُ إلَى بُطْلَانِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: " إنْ شَارَكَنِي فِي هَذَا الْعَبْدِ شَرِيكٌ فَهُوَ حُرٌّ قَبْلَهُ بِسَاعَةٍ " لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ لَعَتَقَ الْعَبْدُ وَبَطَلَتْ الشَّرِكَةُ، فَصِحَّتُهَا تُفْضِي إلَى بُطْلَانِهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ: " إنْ وَكَّلْتُ إنْسَانًا بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ رَهْنِهِ أَوْ هِبَتِهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً فَهُوَ قَبْلَهَا بِسَاعَةٍ حُرٌّ " لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهَا تُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِهَا.
وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: " إنْ وَكَّلْتُ وَكِيلًا فِي طَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ ثَلَاثًا " لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ فِي طَلَاقِهَا؛ إذْ لَوْ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ لَطَلُقَتْ فِي حَالِ الْوَكَالَةِ أَوْ قَبْلَهَا، فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، فَصِحَّتُهَا تُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَفَ الْمَيِّتُ ابْنًا، فَأَقَرَّ بِابْنٍ آخَرَ لِلْمَيِّتِ، فَقَالَ الْمُقِرُّ بِهِ: " أَنَا ابْنُهُ، وَأَمَّا أَنْتَ فَلَسْتَ بِابْنِهِ " لَمْ يُقْبَلْ إنْكَارُ الْمُقِرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ يُبْطِلُ قَوْلَهُ، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ تَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَخَرَجَ الْمُقِرُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِوَارِثٍ آخَرَ، فَتَوْرِيثُ الِابْنِ يُفْضِي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ، وَنَازَعَهُ الْجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا: إذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ النَّسَبِ، وَمِنْهَا الْمِيرَاثُ، وَلَا يُفْضِي تَوْرِيثُهُ إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمِيرَاثُ وَالْأَخُ كَانَ وَارِثًا فِي الظَّاهِرِ، فَحِينَ أَقَرَّ كَانَ هُوَ كُلُّ الْوَرَثَةِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْمِيرَاثِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ؛ فَلَمْ يَكُنْ تَوْرِيثُ الِابْنِ مُبْطِلًا لِكَوْنِ الْمُقِرِّ وَارِثًا حِينَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ بَطَلَ كَوْنُهُ وَارِثًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَثُبُوتُ النَّسَبِ، وَأَيْضًا فَالْمِيرَاثُ تَابِعٌ لِثُبُوتِ النَّسَبِ، وَالتَّابِعُ أَضْعَفُ مِنْ الْمَتْبُوعِ، فَإِذَا ثَبَتَ الْمَتْبُوعُ الْأَقْوَى فَالتَّابِعُ أَوْلَى. أَلَا تَرَى أَنَّ النِّسَاءَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ مُنْفَرِدَاتٍ فِي الْوِلَادَةِ ثُمَّ فِي النَّسَبِ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُفْضِي ثُبُوتُهَا إلَى إبْطَالِهَا لَوْ أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَرَضِهَا عَبْدًا فَتَزَوَّجَهَا وَقِيمَتُهُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ؛ إذْ لَوْ وَرِثَهَا لَبَطَلَ تَبَرُّعُهَا لَهُ بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَبَرُّعًا لِوَارِثٍ، وَإِذَا بَطَلَ الْعِتْقُ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَإِذَا بَطَلَ بَطَلَ الْمِيرَاثُ، وَكَانَ تَوْرِيثُهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ تَوْرِيثِهِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ فَلَا يَبْطُلُ مِيرَاثُهُ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute