للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِتْقُهُ وَلَا نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا، فَالتَّبَرُّعُ نَزَلَ فِي غَيْرِ وَارِثٍ، وَالْعِتْقُ الْمُنَجَّزُ يَتَنَجَّزُ مِنْ حِينِهِ، ثُمَّ صَارَ وَارِثًا بَعْدَ ثُبُوتِ عِتْقِهِ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ شَيْئًا.

وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِابْنِهِ، فَمَاتَ قَبْلَ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ، وَخَلَفَ إخْوَةً لِأَبِيهِ، فَقَبِلُوا الْوَصِيَّةَ، عَتَقَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَلَمْ يَصِحَّ مِيرَاثُهُ مِنْهُ؛ إذْ لَوْ وَرِثَ لَأَسْقَطَ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ، وَإِذَا سَقَطَ مِيرَاثُهُمْ بَطَلَ قَبُولُهُمْ لِلْوَصِيَّةِ، فَيَبْطُلُ عِتْقُهُ، لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْقَبُولِ، وَكَانَ تَوْرِيثُهُ مُفْضِيًا إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ.

وَالصَّوَابُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَرِثُ، وَلَا دَوْرَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ حَالَ الْقَبُولِ وَهُمْ وَرَثَةٌ، ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَى الْعِتْقِ تَابِعَهُ وَهُوَ الْمِيرَاثُ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْقَبُولِ، فَلَمْ يَكُنْ الْمِيرَاثُ مَعَ الْقَبُولِ لِيَلْزَمَ الدَّوْرُ، وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ عَلَى الْقَبُولِ الْعِتْقُ وَعَلَى الْعِتْقِ الْمِيرَاثُ؛ فَهُوَ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ بِدَرَجَتَيْنِ

وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُفْضِي ثُبُوتُهَا إلَى بُطْلَانِهَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقَهَا لَمْ يَصِحَّ؛ إذْ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَمِنْهَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: " مَتَى أَكْرَهْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ حَالَ النِّكَاحِ أَوْ قَبْلَهُ " فَأَكْرَههَا عَلَى النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ؛ إذْ لَوْ صَحَّ النِّكَاحُ عَتَقَتْ، وَلَوْ عَتَقَتْ بَطَلَ إكْرَاهُهَا، فَيَبْطُلُ نِكَاحُهَا.

وَمِنْهَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ: " مَتَى اسْتَقَرَّ مَهْرُكِ عَلَيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا " ثُمَّ وَطِئَهَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مَهْرُهَا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَقَرَّ لَبَطَلَ النِّكَاحُ قَبْلَهُ، وَلَوْ بَطَلَ النِّكَاحُ قَبْلَهُ لَكَانَ الْمُسْتَقِرُّ نِصْفَ الْمَهْرِ لَا جَمِيعَهُ؛ فَاسْتِقْرَارُهُ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ اسْتِقْرَارِهِ، هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُزَنِيّ فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِالْوَطْءِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَةٍ تَقْتَضِي حُكْمًا مُسْتَحِيلًا.

فَصْلٌ

وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُؤَدِّي ثُبُوتُهَا إلَى نَفْيِهَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: " إنْ لَمْ أُطَلِّقَكِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ " وَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ تَطْلُقْ؛ إذْ لَوْ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ لَكَانَ طَلَاقُهَا مُسْتَنِدًا إلَى وُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ عَدَمُ طَلَاقِهَا الْيَوْمَ، وَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْيَوْمِ.

وَمِنْهَا؛ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا: " إنْ مَاتَ مَوْلَاكِ وَوَرِثْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ " أَوْ قَالَ: " إنْ مَلَكْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ " ثُمَّ وَرِثَهَا أَوْ مَلَكَهَا بِغَيْرِ إرْثٍ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ إذْ لَوْ وَقَعَ لَمْ تَكُنْ الزَّوْجَةُ فِي حَالِ وُقُوعِهِ مِلْكًا لَهُ؛ لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي مِلْكِهِ، فَكَانَ وُقُوعُهُ مُفْضِيًا إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>