للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ مُوسِرَيْنِ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: " مَتَى أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَ ذَلِكَ " فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ لَوَجَبَ عِتْقُ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ السِّرَايَةَ إلَى نَصِيبِهِ، فَلَا يُصَادِفُ إعْتَاقُهُ مَحَلًّا، فَنُفُوذُ عِتْقِهِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ نُفُوذِهِ. وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بُطْلَانُ هَذَا التَّعْلِيقِ لِتَضَمُّنِهِ الْمُحَالَ، وَأَيُّهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ صَحَّ وَسَرَى إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ.

وَمِنْهَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: " إنْ دَبَّرْتُك فَأَنْتِ حُرٌّ قَبْلَهُ " ثُمَّ دَبَّرَهُ صَحَّ التَّدْبِيرُ وَلَمْ يَقَعْ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّدْبِيرِ، وَعَدَمَ صِحَّتِهِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْعِتْقِ، وَكَانَتْ صِحَّتُهُ تُفْضِي إلَى بُطْلَانِهِ، هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُزَنِيّ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا يَصِحُّ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَوَقَعَ الْعِتْقُ قَبْلَهُ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ التَّدْبِيرَ، وَكَانَ وُقُوعُهُ يَمْنَعُ وُقُوعَهُ.

وَنَظِيرُهُ أَنْ يَقُولَ لِمُدَبَّرِهِ: " مَتَى أَبْطَلْتُ تَدْبِيرَكَ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ " ثُمَّ أَبْطَلَهُ بَطَلَ وَلَمْ يَقَعْ الْعِتْقُ عَلَى قَوْلِ الْمُزَنِيّ؛ إذْ لَوْ وَقَعَ لَمْ يُصَادِفْ إبْطَالَ التَّدْبِيرِ مَحَلًّا، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا يَصِحُّ إبْطَالُ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ إبْطَالُهُ لَوَقَعَ الْعِتْقُ، وَلَوْ وَقَعَ الْعِتْقُ لَمْ يَصِحَّ إبْطَالُ التَّدْبِيرِ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِمُدَبَّرِهِ: " إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ " وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: " إنْ كَاتَبْتُكَ غَدًا فَأَنْتَ الْيَوْمَ حُرٌّ " ثُمَّ كَاتَبَهُ مِنْ الْغَدِ.

وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِمُكَاتَبِهِ: " إنْ عَجَزْتَ عَنْ كِتَابَتِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ " وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ: " مَتَى زَنَيْت أَوْ سَرَقْت أَوْ وَجَبَ عَلَيْك حَدٌّ وَأَنْتِ مَمْلُوكٌ فَأَنْتِ حُرٌّ قَبْلَهُ " ثُمَّ وُجِدَ الْوَصْفُ وَجَبَ الْحَدُّ وَلَمْ يَقَعْ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ؛ إذْ لَوْ وَقَعَ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، فَلَمْ يَصِحَّ، وَكَانَ مُسْتَلْزِمًا لِعَدَمِ وُقُوعِهِ. وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: " مَتَى جَنَيْتَ جِنَايَةً وَأَنْتَ مَمْلُوكِي فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ " ثُمَّ جَنَى لَمْ يَعْتِقْ. وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: " مَتَى بِعْتُكَ وَتَمَّ الْبَيْعُ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ " ثُمَّ بَاعَهُ، فَعَلَى قَوْلِ الْمُزَنِيّ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ وُقُوعِهِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ قَبْلَهُ وَعِتْقُهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِهِ. وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: " إنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ ذَلِكَ " فَصَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ. فَعَلَى قَوْلِ الْمُزَنِيّ تَصِحُّ الصَّلَاةُ دُونَ الْعِتْقِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ عَتَقَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا عَتَقَتْ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا، وَكَانَتْ صِحَّةُ صَلَاتِهَا مُسْتَلْزِمَةً لِبُطْلَانِهَا.

وَمِنْهَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِحُرٍّ، وَادَّعَى عَلَيْهِ مَهْرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَادَّعَى الزَّوْجُ الْإِعْسَارَ، وَادَّعَى سَيِّدُ الْأَمَةِ يَسَارَهُ قَبْلَ نِكَاحِهِ الْأَمَةَ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ إذْ لَوْ ثَبَتَتْ دَعْوَاهُ لَبَطَلَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ، وَإِذَا بَطَلَ النِّكَاحُ بَطَلَ دَعْوَى الْمَهْرِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ فَادَّعَتْ أَنَّ الزَّوْجَ عِنِّينٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا؛ إذْ لَوْ ثَبَتَتْ دَعْوَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>