الرقَّة رُبع العُشرِ فإِنْ لم تكُنْ إِلا تسعينَ ومائةً؛ فليس فيها شيءٌ إِلا أن يشاءَ ربُّها. رواه البخاري.
ــ
فجعلها أربعين أربعين ليكون فيها ثلاث شياه، وأن يجمع بين متفرق ليجب فيه الزكاة، أو يزيد، كما إذا كان لرجلين أربعون شاة متفرقة فجمعها لتجب فيها الزكاة، أو كان لكل واحد منهما مائة وعشرون فجمع بينهما ليصير الواجب ثلاث شياه. وهو قول من لم يعتبر الخلطة، ولم يجعل لها تأثيراً، كالثورى وأبي جنيفة رضي الله عنهما. وحينئذ هذا التأويل يفسر قوله:((خشية الصدقة)). وظاهر قوله عقيب ذلك:((وما كان من خليطين؛ فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية)) يعضد القول الأول.
أقول: قوله: ((خشية الصدقة)) مفعول له قد تنازع فيه قوله: ((لا يجمع ولا يفرق)) فإذا نسب إلي الساعي وجب أن يقال: خشية أن يقل، وإذا نسب إلي المالك وجب أن يقال: خشية أن يكثر.
قوله:((فإن لم يكن إلا تسعين ومائة)) ((حس)): هذا يوهم أنها إذا زادت علي ذلك شيئاً قبل أن يتم مائتين، كانت فيها الصدقة، وليس الأمر كذلك؛ وإنما ذكر ((تسعين)) لأنه آخر فصل من فصول المائة، والحساب إذا جاوز المائة كان تركيبه بالفصول، كالعشرات، والمئات، والألوف، فذكر التسعين؛ ليدل علي أن لا صدقة فيما نقص عن كمال المائتين، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)).
أقول: أراد أن دلالة هذا الحديث علي أقل ما نقص من النصاب إنما يتم بحديث ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) ويسمى هذا في الأصول: النص المفيد بمقارنة نص آخر، وينصره الحديث الآتي عن علي رضي الله عنه ((وليس في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم)) ونحوه قوله تعالي: {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} فإنه يدل علي أن أقل الحمل ستة أشهر، لكن إذا ضم إليه قوله تعالي:{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}، أو يقال: إن الحصر بالنفي والإثبات يستعمل في رد منكر مصر، فلابد أن يتصور منكر لهذا الحكم، فيرد به إلي الصواب. وهذا لا ينافي الزيادة علي العدد المنصوص، كقولك: ما زيد إلا كاتب، لمن ينكر كتابته؛ فإن الحصر لا ينافي ثبوت صفة أخرى سوى الكتابة له.
قوله:((وفي الرقة)) الرقة: الدراهم المضروبة، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة كما في عدة. وأصلها: الورق، وتجمع علي رقين مثل ((ثبين وعزين)).
الحديث الرابع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((أو كان عثرياً)) ((نه)): هو النخل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة. وقيل: هو العِذْىُ. أقول: ذهب