١٨٣٨ - وعن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سألَ النَّاسَ أموالهم تكثُّرًا، فإِنَّما يسألُ جَمْرًا، فليستَقِلَّ أو ليستكثِر)) رواه مسلم.
١٨٣٩ - وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزالُ الرجلُ يسألُ النَّاسَ حتى يأتيَ يومَ القيامةِ ليس في وجهِهِ مُزعةُ لحمٍ)) متفق عليه.
ــ
((مظ)): من لم يقدر علي كسب لزمانة ونحوها جاز له السؤال بقدر قوت يومه، ومن قدر علي الكسب، وتركه لاشتغاله بتعلم العلم، تجوز له الزكاة والصدقة، ومن تركه للتطوع من الصلاة والصيام ونحوهما فلا تجوز الزكاة، ويكره له صدقة التطوع. وأما من تخلي في نحو رباط، واشتغل بالطاعة والرياضة، وتصفية الباطن، فيستحب لواحد منهم أن يسأل صدقة التطوع، وكسرات الخبز، واللباس لهم. وينبغى للسائل أن ينوى الكفاف لهم لا لنفسه إن لم يكن منهم، لكن لايكره أن يأكل معهم، وأن يترك الإلحاح بل يقول: من يعطى شيئًا لرضي الله، ولا يواجه أحدًا بعينه، فإن أعطى دعا، وإن لم يعط لم يسخط، ومن لم يقم بهذه الشرائط كان إثمه أكثر من أجره، ولا يجوز للسائل أن يأخذ لهم الزكاة لاقتدارهم علي الكسر.
الحديت الثانى عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أموالهم)) بدل اشتمال من ((الناس))، وقوله:((تكثيرًا)) مفعول له، وقد تقرر عند العلماء: أن البدل هو المقصود بالذات، وأن الكلام سيق لأجله، فيكون القصد من سؤال هذا السائل نفس المال، والإكثار منه، لا دفع الحاجة، فيكون مثل هذا المال كنزًا يترتب عليه قوله:((فإنما يسأل جمرًا)) ونحوه قوله تعالي: {والذين يكنزون الذهب والفضة - إلي قوله - يوم يحمى عليها} سمى التكثر جمرا؛ لأنه مسبب عنه، كقوله تعالي:{إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارًا}.
قوله:((فليستقل أو ليستكثر)) أي فليستقل الجمر أو ليستكثره، فيكون تهديدًا علي سبيل التهكم، أو فليستقل المسألة، فيكون تهديدًا محضًا كقوله:((فهن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)). ((مظ)): معنى التكثر الإكثار من قدر قوته. وقوله:((فإنما يسأل جمرًا)) يعنى لايجوز له أن يأخذ الزكاة والصدقة أكثر من قوته، فإن أخذها يكون ذلك سببًا لنار جهنم. وقلت: وما ذهبنا إليه أشمل؛ لأنه يتناول الأصناف الثمإنية.
الحديت الثالث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((مزعة لحم)) أي قطعة يسيرة من اللحم. ((خط)): هذا يحتمل معنيين: أحدهما أنه يأتى يوم القيامة ساقطًا ذليلا، لا جاه له،