للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٤٣ - وعن ابنِ عمرَ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو علي المنبرِ وهو يذكرُ الصدقة والتعفُّفَ عن المسألةِ: ((اليدُ العليا خيرٌ من اليد السُّفلي، واليدُ العُليا المُنفِقَة واليد السُّفلي هي السَّائلةُ)). متفق عليه.

ــ

فيزداد سقما، ولايجد شبعًا، فينجع فيه الطعام. قوله: ((واليد العليا)) سيجىء البحث مستوفي في الحديث الذي يليه.

قوله: ((لا أرزأ أحدًا بعدك)) ((نه)): أي لا أنقص بعدك مال أحد بالسؤال عنه، والأخذ منه من الرزء، وهو النقصان، يقال: مارزأته ماله، أي ما نقصته. ويمكن أن يكون معناه: بعد سؤالك هذا. ويمكن أن يكون بمعنى غيرك.

أقول: اعلم أن تنزيل الرزء بمعنى النقصان علي اليد العليا، كما فسره صلى الله عليه وسلم تارة باليد المنفقة، وأخرى بالمتعففة في الحديت الذي يليه هو أن يقال: لما سمع أن اليد العليا أي اليد المنفقة التي نقص ما فيها من المال خير، بسبب تجريدها من اليد الآخذة بسبب ما سلب عنها صفة التجريد - قال مقسما بالله: لا أنقص مال أحد حتى يسلب عني صفة التجريد، أو سمع أن اليد المتعففة عن السؤال بسبب استغنائها عزيزة عند الناس {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} وأن اليد السائلة بخلافها ذليلة - قال: لا أنقص من مال أحد حتى تحصل لي صفة المذلة والهوان.

الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((والتعفف)) تعفف بمعنى استعف، كتعجل بمعنى استعجل. ((نه)): الاستعفاف: طلب العفاف والتعفف: وهو الكف عن الحرام، والسؤال من الناس. وقيل: الاستعفاف: الصبر والنزاهة عن الشيء.

قوله: ((اليد العليا هي المنفقة والسفلي هي السائلة)) ((مح)): هكذا وقع في صحيح البخاري ومسلم، وكذا ذكره أبو داود عن أكتر الرواة، وفي أخرى له عن ابن عمر: ((العليا المتعففة)) من العفة، رجح الخطأبي هذه الرواية قال: لأن السياق في ذكر المسألة والتعفف عنها. قال النواوى: وقلت: الصحيح الرواية الأولي، ويحتمل صحة الروايتين فالمنفقة أعلي من الأخذة، والمتعففة أعلي من السائلة. وفي هذا الحديث دليل لمذهب الجمهور أن اليد العليا هي المنفقة، والمراد بالعلو: علو الفضل والمجد. وقيل: الثواب.

وأقول: تحرير ترجيح الخطأبي رواية ((اليد العليا هي المتعففة)) أن يقال: إن قوله: ((وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة)) كلام مجمل في معنى العفة عن السؤال. وقوله: ((اليد العليا خير من اليد السفلي)) بيان له، وهو أيضًا مبهم، فينبغى أن يفسر بالعفة ليناسب المجمل،

<<  <  ج: ص:  >  >>