١٨٤٦ - عن سَمُرةَ بنِ جندب، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((المسائلُ كُدوحٌ يكدَحُ بها الرجلُ وجهَه، فمن شاء أبقى علي وجههِ، ومن شاء تركه، إِلا أنْ يسألَ الرَّجلُ ذا سُلطانٍ أو في أمرٍ لا يجِدُ منهُ بُدًا)). رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي. [١٨٤٦]
١٨٤٧ - وعن عبد الله بنِ مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((من سألَ النَّاسَ ولهُ ما يغنيهِ، جاءَ يومَ القيامةِ ومسألتهُ في وجهِهِ خموشٌ أو خدوشٌ، أو كدوحٌ)).
ــ
هذا الباب، والإشراف علي الشيء: الاطلاع عليه، والتعرض له، والمراد وأنت فير طامع فيه، ولا طالب له. قوله:((وما لا)) أي وما لا يكون علي هذه الصفة بل تكون نفسك تؤثره وتميل إليه فلا تتبعه نفسك، واتركه، فحذف هذه الجملة لدلالة الحال عليها.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن سمرة: قوله: ((المسائل كدوح)) - بالضم - جمع الكدح، كضرب وضروب. ((نه)): الكدوح: الخدوش وكل أثر من خدش أو عض فهو كدحٌ. ويجوز أن يكون مصدرًا سمى به الأثر. والكدح في غير هذا السعى والحرص والعمل. ((مظ)): الكدوح - بفتح الكاف - مبالغة مثل صبور، وهو من الكدح بمعنى الجرح، يكدح بها الرجل، أي يهريق بالسؤال ماء وجهه، فكأنه جرحه.
أقول: ذهب إلي أن حمل الخبر علي المبتدأ من باب الإسناد المجازى؛ فإن الكدوح هو السائل، وعلي الضم الحمل، من باب التشبيه، شبه أثر ذلة السؤال في وجه السائل بأثر الجرح عليه. هذا مستقيم، وعليه مدار التركيب، لكن المطابقة بين المبتدأ والخبر مفقودة للجمع والإفراد. وإنما جمع ((المسائل)) ليفيد اختلاف أنواعها، ومن ثم استثنى بقوله:((إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان)) أي ذا حكم وملك بيده بيت المال؛ فإنه يجوز له أن يسأل حقه من بيت المال. ((خط)): وليس هذا علي استباحة الأموال التي تحويها أيدى بعض السلاطين من غصب أموال المسلمين. ((مح)): اختلفوا في عطية السلطان، فحرمها قوم وأباحها قوم، وكرهها قوم. والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما في يده، حرمت، وإن لم يغلب الحرام فمباح إن لم يكن في القابض مانع من استحقاق الأخذ. قوله:((أو في أمر لا يجد منه بدًا)) قيل: أي من حمالة، أو جائحة، أو فاقة علي ماسبق في حديث قبيصة.
الحديث الثانى عن عبدالله: قوله: ((خموش أو خدوش)) ((مظ)): هذه الألفاظ كلها متقاربة المعنى، وشك الراوى في تلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي لفظ من هذه الألفاظ. وذهب التوربشتى