للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٦٨ - وعن أبي ذرٍّ، قال: انتهيت إلي النبي صلى الله عليه وسلم وهوَ جالسٌ في ظلِّ الكعبةِ، فلمَّا رإني قال: ((هُمُ الأخسَرونَ وربِّ الكعبةِ)). فقلتُ: فِداكَ أبي وأُمي، مَنْ هُمْ؟ قال: ((هم الأكثرونَ أموالاً، إلا مَنْ قالَ: هكذا وهكذا وهكذا، من بينِ يديهِ ومِنْ خَلفِهِ وعنْ يَمينهِ وعنْ شِمالِهِ، وقليلٌ ما هُمْ)). متفق عليه.

الفصل الثاني

١٨٦٩ - عن أبي هريرةَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((السخِيُّ قريبٌ من اللهِ، قريبٌ من الجنَّةِ، قريبٌ من النَّاسِ، بعيدٌ من النَّار. والبخيلُ بعيدٌ من الله، بعيدٌ من

ــ

الحديث العاشر عن أبي ذر: قوله: ((هم الأخسرون)) ((هم)) ضمير مبهم يفسره ما بعده من الخبر، كقولك: هي العرب تقول ما شاءت. و ((الأخسرون)) فيه نوع إبهام، فبين بقوله: ((هم الأكثرون)) ونحُوه في الإبهام والتبيين - اللهم إلا أن يحمل علي التغليظ - قولهُ تعالي: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا} فالمكثوون هم المنهمكون في الدنيا، المتهالكون فيها، الذين {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}، واسثنى منه من يستفرغ جهده في الإنفاق ويبذل طاقته فيه.

قوله: ((قال هكذا)) ((نه)): العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتطلقه علي غير الكلام، فيقول: قال بيده، أي أخذ، وقال برجله، أي مشى، وقال بالماء علي يده، أي قلب، وقال بثوبه، أي رفعه، كل ذلك علي المجاز والاتساع. و ((قال)) في الحديث بمعنى أشار، و ((هكذا)) صفة مصدر محذوف، أي أشار بيده إشارة مثل هذه الإشارة. وقوله: ((من بين يديه)) بيان للإشارة، والأظهر أن يتعلق بالفعل لمجىء ((وعن يمينه)) وأنها للمجاورة والبعد. وخص ((عن)) باليمين والشمال؛ لأن الغالب في الإعطاء صدوره عن اليدين. وقوله: ((وقليل ما هم)) ((ما)) زائدة مؤكدة للقلة ((وهم)) مبتدأ و ((قليل)) خبره مقدم عليه، قدم اختصاصًا، وأن الأكثر من المكثرين ليسوا علي هذه الصفة، والله أعلم.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: ((السخى قريب من الله)) التعريف في السخى والبخيل للعهد الذهنى، وهو ما عرف شرعًا أن السخى من هو؟ والبخيل من هو؟ وذلك أن من أدى زكاة ماله، فقد امتثل أمر الله وعظمه، وأظهر الشفقة علي خلق الله وواساهم بماله،

<<  <  ج: ص:  >  >>