للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١١٥ - وعن عمر بن الخطاب، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضعُ به آخرين)) رواه مسلم.

٢١١٦ - وعن أبي سعيد الخُدري، أنَّ أسيْدَ بن حُضّيرٍ، قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسُه مربوطة عنده، إذ جالت الفرَس، فسكت فسكنت: فقرأ فجالتْ، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالتِ الفرسُ، فانصرفَ، وكان ابنُه يحيى قريبًا

ــ

عليها. فعلي هذا قس الأثمار المشبه بها. ووجه التشبيه في المذكورات مركب منتزع من أمرين محسوسين: طعم وريح، وليس بمفرق، كما في قول امرئ القيس:

كأن قلوب الطير رطبًا ويابسًا لدى وكرها العناب والحشف البالي

ثم إن إثبات القراءة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((يقرأ القرآن)) علي صيغة المضارع، ونفيه في قوله: ((لا يقرأ)) ليس المراد منها حصولها مرة ونفيها بالكلية، بل المراد منها الاستمرار والدوام عليها، فإن القراءة دأبه وعادته، أو ليس ذلك من هجيراه، كقولك: فلان يقرى الضيف ويحمى الحريم. والله أعلم.

الحديث السابع عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا)) أي من قرأه، وعمل بمقتضاه مخلصًا، لقوله تعالي: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} ومن قرأه مرائيًا يضعه أسفل السافلين، لقوله تعالي: {والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور}.

الحديث الثامن عن أبي سعيد: قوله: ((جالت الفرس)) ((نه)): جال يجول جولة إذا دار. قوله: ((اقرأ يا ابن حضير)) ((مح)): ((اقرأ)) معناه كان ينبغى أن تستمر علي القراءة، وتغتنم ما حصل لك من نزول السكينة والملائكة، وتستكثر من القراءة التي هي سبب بقائها.

أقول: يريد أن ((اقرأ)) لفظة أمر طلب للقراءة في الحال، ومعناه تخصيص وطلب للاستزادة في الزمان الماضي، هذا كما إذا حكى صاحبك عندك ما جرى في الزمان الماضى مما يجب أن يفعله، أي هلا زدت، كأنه صلى الله عليه وسلم استحضر تلك الحالة العجيبة الشأن، فيأمره تحريضًا عليه. وكأن هذا من توارد الخواطر ووقوع الحافر علي الحافر، والدليل علي أن المراد من الأمر الاستزادة وطلب دوام القراءة، والنهي عن قطعها، قوله في الجواب: ((أشفقت يا رسول الله)) أي خفت إن دمت عليها أن يطأ الفرس ولدى يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>