منها، فأشْفقَ أن تُصيبَه، ولما أخرَّه رفعَ رأسه إلي السماء، فإذا مثلُ الظُّلة، فيها أمثالُ المصابيحِ، فلمَّا أصبحَ حدَّث النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:((اقرأ يابن حُضيرٍ! اقرأ يابن حُضَيرٍ!)) قال: فأشفقتُ يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكانَ منها قريبًا، فانصرفت إليهِ، ورفعت رأسي إلي السَّماء، فإذا مثل الظُّلةِ، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أَراها. قال:((وتدري ما ذاكَ؟)) قال: لا. قال:((تلكَ الملائكةُ دَنَتْ لصوتِكَ، ولو قرأت لأصبحت ينظرُ الناس إليها لا تتوارى منهم)) متفق عليه، واللفظ للبخاريِّ، وفي مسلم: عرَجَتْ في الجوِّ، بدل: فخرجتُ علي صيغة المتكلم.
٢١١٧ - وعن البراء، قال: كان رجلٌ يقرأُ سورة الكهف، وإلي جانِبِه حصانٌ مربوطٌ بشطنين، فتغشَّتهُ سحَابةٌ، فجَعَلتْ تدنو وتدنو، وجعلَ فرسُهُ ينفِر، فلما أصبحَ أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال:((تلكَ السكينةُ تنزلت بالقرآنِ)) متفق عليه.
٢١١٨ - وعن أبي سعيد بن المعَلي، قال: كنتُ أُصلي في المسجد فدعإني النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلم أُجبهُ [حتى صليتُ] ثم أتيته فقلتُ: يا رسول الله! إنى كنتُ أُصلي. قال:((ألم يقل اللهُ: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم} ثم قال: ((ألا أعلمُكَ أعظمَ سورةٍ في القرآن قبل أن تخرُجَ من المسجد؟)) فأخذ بيدي، فلما أردْنا أن نخرُجَ قلتُ: يا رسول الله! قلتَ لأعَلِّمنَّكَ أعظمَ سورةٍ من القرآن قال: {الحمد لله ربِّ
ــ
الحديث التاسع عن البراء: قوله: ((حصان مربوط بشطنين)) ((تو)): الحصان - بكسر الحاء - الكريم من فحولة الخيل، يقال فرس حصان بين التحصين والتحصن، وسمى به؛ لأنه ضن بمائه فلم ينز إلا علي كريمة، ثم كثر ذلك حتى سموا كل ذكر من الخيل حصانًا. والشطن - بفتح الطاء - الحبل. وقيل: هو الحبل الطويل، وإنما ذكر الربط بشطنين، تنبيهًا علي جموحه واستصعابه.
قوله:((تلك السكينة)) في الغريبين: هي السكون والطمإنينة. قال بعضهم: هي الرحمة، وقيل: الوقار، وما يسكن به الإنسان. وقوله:((بالقرآن)) أي بسببه، ولأجله. ((تو)): وإظهار أمثال هذه الآيات علي العباد من باب التأييد الإلهي يؤيد بها المؤمن، فيزداد يقينًا ويطمئن قلبه إذا كوشف بها.
الحديث العاشر عن أبي سعيد بن المعلي: قوله: ((أعظم سورة)) ((تو)): السورة كل منزلة من