للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العالمين} هي السبعُ المثانى، والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه)) رواه البخاري.

ــ

البناء، ومنها سورة القرآن؛ لأنها منزلة بعد المنزلة مقطوعة عن الأخرى، أو لأنها من سور المدينة تشبيهًا بها؛ لكونها محيطة بها إحاطة السور بالمدينة، وإنما قال: ((أعظم سورة)) اعتبارًا بعظم قدرها، وتفردها بالخاصية التي لم يشاركها فيها غيرها من السور، ولاشتمالها علي فوائد ومعان كثيرة مع وجارة ألفاظها. ولذلك سميت أم القرآن لاشتمالها علي المعانى التي في القرآن من الثناء علي الله بما هو أهله، من التعبد بالأمر، والنهي، والوعد، والوعيد.

وقد اختلفوا في تفسير ((المثانى) فمن قائل: إنه من التثنية، ومن قائل: إنه من المثنا جمع مثناة، أو مثنية صفة للآية، فعلي الأول معناها أنها تثنى علي مرور الأوقات أي تكرر، فلا تنقطع، وتدرس فلا تندرس، وقيل: لما يثنى ويتجدد من فوائد حالاً فحالاً، ولا يبعد أن يحمل علي هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ((وما من آية إلا ولها ظهر وبطن)) وعلي الثانى أنها لاشتمالها علي ما هو ثناء علي الله تعالي، فكأنها تثنى علي الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلي، أو لأنها أبدًا تدعو بوصفها المعجز إلي غرابة المنظم، وغرارة المعنى إلي الثناء عليها، ثم علي من يتعلمها، ويعمل بها. فإن قيل: في الحديث ((السبع المثانى)) وفي الكتاب ((سبعًا من المثانى)). قلنا: لا اختلاف في الصيغتين إذا جعلنا ((من)) للبيان.

فإن قيل: كيف صح عطف ((القرآن)) علي ((السبع المثانى))، وعطف الشيء علي نفسه مما لا يجوز؟ قلنا: ليس بذلك، وإنما هو من باب ذكر الشىء بوصفين: أحدهما معطوف علي الآخر، والتقدير: آتيناك ما يقال له: السبع المثانى والقرآن العظيم، أي الجامع لهذين النعتين، والسبع بيان لعدد آياتها. وأقول: لا يبعد أن يكون التعريف في السبع للعهد، والمشار إليه ما في القرآن، كقوله تعالي: {أرسلنا إلي فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول} وتنكير ((سبعًا)) في التنزيل للتعظيم والتفخيم، ويشهد له ما يتبعه من قوله: {لا تمدن عينيك إلي ما منَّعْنا به أزواجًا منهم} أي ولقد آتيناك هذا العظيم الشأن الذي لا يوازيه شىء، فلا تطمح عينك إلي هذا الدنىء الحقير. وأما عطف ((القرآن)) علي ((السبع المثانى)) المراد منه الفاتحة، فمن باب عطف العام علي الخاص، تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات، وإليه أومأ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن)) حيت نكر السورة، وأفردها؛ ليدل علي أنك إذا تقصيت سورة سورة في القرآن، وجدتها أعظم منها. ونظيره في النسق ((لكن)) من عطف الخاص علي العام قوله تعالي: {من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال}.

قوله: ((قال: الحمد لله)) ((قض)): هو خبر مبتدأ محذوف، أي هي السورة التي مستهلها

<<  <  ج: ص:  >  >>