للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يوم القيامة: القراَن يحلج العباد، له ظهر وبطن، والامانة، والرحم تنادى: ألا من وصلنى وصله الله، ومن قطعنى قطعه الله)). رواه في ((شرح السنة)). [٢١٣٣]

ــ

دائراً بينه وبين اقاربه واهل بيته. والقراَن وصلة بين العبد وبين ربه، فمن راعى أحكامه، واتبع ظواهره وبواطنه، فقد أدى حقوق الربوية، وأتى بما هو وظائف العبودية. و ((الأمانة)) تعم الناس كلهم، فإن دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم وسائر حقوقهم أمانات فيما بينهم، فمن قام بحقها فقد أقام العدل، وجانب الظلم رأساً، ومن واصل الرحم، وراقب الأقارب، ودفع عنهم المخاوف، وأحسن إليهم في أمرى الدنيا والَاخره ما أستطاع، فقد أدى حقه، وخرج عن عهدته. ولما كان القراَن منها أعظم قدراً وأرفع مناراً، وكان العمل به والقيام بحقه يشتمل علي القيام بالأمرين الَاخرين، قدم قدم ذكره وأخبر عنه بأنه ((يحاج العباد))، أي يخاصمهم فيما ضيعوه، وأعرضهم عن حقوقه وأحكامه، ولم يلتفوا إلي مواعظه وأمثاله، سواء سواء ما ظهر منها معناها، فأستغنى عن التأويل، أو أخفي واحتاج إلي مزيد كلفة إبراز ماهو المقصود منه. وأخر الرحم؛ لأنه أخصها، وأفرده بالذكر وإن اشتملت محافظة الامرين الأولين علي محافظته؛ لأنه أحق حقوق العباد أن يحفظ، ولانه أراد أ، يبين صلى الله عليه وسلم أن صلته الرحم وقطيعته بهذه المثابة العظيمة من الوعد والوعيد.

((شف)): والضمير في ((تنادى)) عائد إلي الرحم، ويمكن عوده إلي كل واحد من الأمانة، والرحم. وأقول: ذهب الشيخ التوربشتى وتبعه الأشراف إلي أن قوله: ((يحاج العباد، له ظهر وبطن)) جملة مفصلة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، ينبه السامع علي جلالة شأن القراَن، وامتيازه عما سواه. وفيه بحث؛ لأن المعترضة كلام لا محل له من الإعراب، واقع بين أثناء كلام أو بين كلامين متصلين معنى، مؤكد لما أعترض فيه، وهذه مرفوعة المحل، خبرا للقراَن علي نحو ((والرحم تنادى)). ولا فرق بينهما فيه، نعم من حق الظاهر أن يقال: ثلاثة تحت العرش يوم القيامة: القراَن، والأمانة، والرحم، فالقراَن يحاج، والأمانة كذا، والرحم تنادى، فأختصر، ولم يذكر للثانى ما هو له من البيان اعتماداً علي الأول، أو علي الثانى أي الأمانه تحاج، أو تنادى.

ثم قوله: ((العباد)) يحتمل أن يكون مفعولا به لـ ((يحاج)) فيكون المعنى ماذكره القاضى ثإنياً من قوله: أي يخاصمهم فيما ضيعوه، وأعرضوا عن حدوده، وهو من كلام الشيخ التوربشتى. وأن يكون نصباً علي نزع الخافض، أي يحاج عن العباد، كما في حديث أبي أمامة، ((أو فرقان من طير صواف، يحاجان عن أصحابهما)) وهذا التأويل أنسب، وأقرب إلي معنى نداء الرحم:

<<  <  ج: ص:  >  >>