٢١٦٥ - عن أبي هريرة [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القراَن، واتبعوا غرائبه، وغرائبه فرائضه وحدوده)). [٢١٦٥]
٢١٦٦ - وعن عائشة [رضي الله عنها]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قراءة القراَن في الصلاة أفضل من قراءة القراَن في غير صلاة، وقراءة القراَن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير، والتسبيح أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنة من النار)). [٢١٦٦]
ــ
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أعربوا القراَن)) ((نه)): يقال: أعرب عنه لسانه وعرب، إذا بين ما في ضميره، وإنما سمى الإعراب إعراباً لتبيينه وإيضاحه، المعنى بينوا مافي القراَن من غرائب اللغة، وبدائع الإعراب. وقوله:((وابعوا غرائبه)) لم يرد به غرائب اللغة لئلا يلزم التكرار، ولهذا فسره بقوله:((وغرائبه فرائضه وحدوده)) وهي تحتمل وجهين، أحدهما: فرائض المواريث، وحدود الأحكام، وثإنيهما: أن يراد بالفرائض مايجب علي المكلف اتباعه، وبالحدود مايطلع به علي الأسرار الخفية والرموز الدقيقة. وهذا التأويل قريب من معنى ما ورد ((أنزل القراَن علي سبعة أحرف، لكل اَيه منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع))، فقوله:((أعربوا)) إشارة إلي ما ظهر منه، و ((فرائضه وحدوده)) إلي مابطن منه. ولما كان الغرض الأصلي هذا الثانى، قال:((واتبعوا)) أي شمروا عن ساق الجد في تفتيش مايعنيكم، وجدوا في تنقير مايهمكم من الأسرار، ولا توانوا فيه.
الحديث الثانى عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((والصوم جنة)) ((تو)): ذكر خاصية المفضول وترك خواص الفواضل تنبيهاً علي أنها تناهت عن الوصف. فإن قلت: دل هذا الحديث علي أن الصوم دون الصلاة والصدقة، ودل قوله صلى الله عليه وسلم:((كل عمل ابن اَدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف الإ الصوم)) الحديث علي أن الصوم أفضل. قلت: إذا نظر إلي نفس العبادة، كانت الصلاة أفضل من الصدقة، وهي من الصوم؛ فإن موارد التنزيل وشواهد الأحاديث النبوية جارية علي تقديم الأفضل، فإذا نظرت إلي كل منها وما يدلي إليه من الخاصية التي لم يشاركه غيره فيها كان الصوم أفضل.