للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأعمال أفضل؟ قال: ((أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله)). رواه أحمد، والترمذي. [٢٢٧٠]

٢٢٧١ - وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: ((حلق الذكر)). رواه الترمذي. [٢٢٧١]

ــ

وأقول: ((طوبى)) كلمة إنشاء؛ لأنها دعاء معناها أصاب خيرا من طال عمره، وحسن عمله، وكان من الظاهر أن يجاب عنه بقوله: ((من طال)) فالجواب من الأسلوب الحكيم، أي غير خاف أن خير الناس من طال عمره وحسن عمله؛ بل الذي يهمك أن تدعو له فتصيب من بركته. وإنما كان خير الناس من طال عمره، وحسن عمله؛ لأن مثل الإنسان في الدار الدنيا مع عمله الصالح، كمثل تاجر سافر من مقره إلي فرضة* ليتجر فيها ويربح، فيرجع إلي وطنه سالما غانما، فيصيب خيرا، فرأس مال الإنسان عمره، ونقده أنفاسه ومزاولة جوارحه، وربحه الأعمال الصالحة، فكلما زاد رأس المال زاد الربح، ومقره ومستقره الدار الآخرة، فمتى استقر فيها وجد ثواب ما ربح موفي، {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلوة وأنفقوا مما رزقنهم سرا وعلإنية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} ومن لم ينتبه لذلك، وأضاع رأس ماله فلم يوفق للعمل، {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين}.

قوله: ((ولسانك رطب)) رطوبة اللسان عبارة عن سهولة جريانه، كما أن يبسه عبارة عن ضده، ثم أن جريان اللسان حينئذ عبارة عن مداومته الذكر قبل ذلك، فكأنه قيل: وخير الأعمال مداومة الذكر، فهو من أسلوب قوله تعالي: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.

الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((إذا مررتم برياض الجنة)) هذا الحديث مطلق من وجهين: أن تلك الحلق في أي مكان هي؟ وأن ذلك الذكر ما هو؟ فيحمل علي المقيد في باب المساجد، أن المكان هو المسجد وأن الذكر هو قوله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وقد مر تحقيقه هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>