٢٢٧٢ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قعد مقعدًا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعًا لا يذكر الله فيه كان عليه من الله ترة)). رواه أبو داود. [٢٢٧٢]
ــ قوله:((حلق الذكر)) ((نه)): الحلق- بكسر الحاء وفتح اللام- هي جمع حلقة مثل قصعة وقصع، وهي جماعة من الناس يستديرون كحلقة الباب وغيره. وقال الجوهري: جمع الحلقة حلق- بفتح الحاء- علي غير قياس. وحكي ابن عمرو أن الواحد حلقة- بالتحريك- والجمع حلق بالفتح.
((مح)): أعلم أنه كما يستحب الذكر يستحب الجلوس في حلق أهله، وقد تظاهرت الأدلة علي ذلك. والذكر قد يكون بالقلب، وقد يكون باللسان، والأفضل منهما ما كان بالقلب واللسان جميعا، فإن اقتصر علي أحدهما فالقلب أفضل. وينبغي أن لا يترك الذكر باللسان مع القلب بالإخلاص خوفا من أن يظن به الرياء، وقد نقل عن التفضيل رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء، وقال: لو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتزاز عن طريق ظنونهم الباطلة، لانسد عليه أكثر أبواب الخير، [وضيع] علي نفسه شيئا عظيما من مهمات الدين، وليس هذا من وظيفة العارفين. وأن يكون علي أكمل الصفات بأن يكون جاسًا مستقبل القبلة، متخشعًا مع سكينة ووقار، مطرقًا رأسه، وأن يكون الموضع خاليًا نظيفًا، فإنه أعظم في احترام الذكر والمذكور.
وينبغي أن يدوم علي الذكر إلا زمان قضاء الحاجة، والجماع، وسماع الخطبة في الجمعة وغيرها، وفي القيام للصلاة، وفي حالة النعاس، ولا يكره في الطريق، ولا في الحمام. وينبغي له أن يحضر قلبه؛ لأنه هو المقصود في الذكر فيتحرى في تحصيله، ويتدبر ما يذكره. والمذهب الصحيح أن أولي الأذكار قول: لا إله إلا الله، وأقوال السلف وأئمة الخلف في هذا مشهورة. وإذا اعترضت للذكر أحوال يستحب له قطع الذكر، ثم الإعادة بعد زوالها، منها رد تسليم الداخل عليه، وتشميت العاطس، وجواب المؤذن في الأذان والإقامة، ورفع المنكر والإرشاد إلي المعروف عند رؤيتهما، وإجابة المسترشد، وما أشبه ذلك كله في الأذكار.
الحديث الرابع إلي السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((كانت عليه من الله ترة)) ((تو)): قيل: أي حسرة، والموتر الذي قتل له قتيل، ولم يدرك بدمه. وكذلك وتره حقه، أي نقصه، وكلا الأمرين معقب للحسرة. أقول: قوله: ((من قعد مقعدا)) الحديث ((كانت)) في الموضعين رويت علي التإنيت في أبي داود، وجامع الأصول. وفي الحديثين اللذين يليانه علي