التعداد ضمنًا، كما قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم:((صف لنا ربك الذي تدعونا إليه)) فنزلت ((قل هو الله أحد)) يعنى الذي سألتموني وصفه، هو الله. قال الشيخ أبو القاسم القشيري في التحبير في شرح أسماء الله الحسنى: هو للإشارة، وهو للإشارة، وهو عند هذه الطائفة إخبار عن نهاية التحقيق، فإذا قلت:((هو)) لا يسبق إلي قلوبهم غير الحق فيكتفون عن كل بيان يتلوه لا ستهلكهم في حقائق القرب، واستيلاء ذكر الحق علي أسراهم، وانمحاقيهم عن شواهدهم، فضلا عن إحساسهم ممن سواه.
أقول: فيكون ((هو)) إذن بمنزلة اسم الإشارة في قول الشاعر:
كأنه في الجلد ... توليع ... البهق
كأنه قيل: ما ذلك المسمى، وما تلك الأسماء؟ قيل: ذلك المسمى هو الذي له هذه الأسماء المعدودة، فكان هذا الوجه أولي الوجوه علي التقديرين: المراد بقوله: ((الله)) المسمى لا الاسم. فإن قلت: قد سبق أن ((الله)) اسم علم، والبواقى صفات، فكيف سميت بالاسم، وجعلت أخبارا لا صفات؟ قلت: لقوله تعالي: ((ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها))، لأنه إذا دعى بها قيل: ياالله يا رحمن، يا رحيم، فالرحمن صفة أقيمت مقام ذات له الرحمة، فلا يكون حينئذ صفة كما يقال: شجاع باسل، فيصفه بالبسالة علي تأويل ذات له الشجاعة، وهو باسل.
((الله)) ((قض)): قيل: أصله ((لاها)) بالسريإنية، فعرب. وقيل: عربي وضع لذاته سبحأنه كالعلم له؛ لأنه يوصف ولا يوصف به؛ ولأنه لابد من اسم يجرى عليه صفاته، وليصلح له غيره، فتعين أن يكون هو اسمه، ولأنه لو كان وصفًا لم يكن قولنا:((لا إله إلا الله)) توحيدًا، كمثل لا إله إلا الرحيم، فأنه لا يمنع لشركة. والحق أنه وصف في أصله؛ لأن ذاته من حيث هو بلا اعتبار أمر آخر حقيقي أو غير حقيقي معقول للبشر، فلا يمكنه وضع الفظ له، ولا الإشارة إليه بإطلاق اللفظ عليه.
أقول: وفيه نظر؛ لأن الواضع إن كان الله تعالي فظاهر، وإن كان غيره فيكفي في الوضع تعقله بوجه ما. ثم قال: لكنه لما غلب بحيث لا يستعمل في غيرهن وصار كالعلم أجرى مجراه في إجراء الأوصاف به، وعدم تطرق احتمال الشركة إليه، ومعناه المستحق للعبادة، وأصله أله إلاهة وألوهة بمعنى عبادة وعبودة، أومن إذا تحير، لأن العقول تتحير في معرفته.
واعلم ان إحصاء العوام له: إجراؤه علي اللسان، والذكر به علي الخشية والتعظيم: وإحصاء الخواص أن يتأملوا معناه، ويعلموا أن هذا الاسم لا يستحق ولا يستأهل لأن يطلق إلا علي من كان موجودًا، فائض الجود، جامعا لصفات الإلهية، منعوت الربوبية. وإحصاء الأخص