للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ــ

له أن يستغرق له قلبه باللهن فلا يلتفت إلي أحد سواه، ولا يرجو ولا يخاف فيما يأتى ويذر إلا إياه؛ لأنه هو الحق الثابت، وما عداه باطل، قال تعالي: ((كل شيء هالك إلأوجهه)). وقال إياه؛ لأنه هو الحق الثابت، ماقال أحد ((الله)) سوى الله، فإن من قال قاله بحظ، وأنى تدرك الحقائق بالحظوظ!

قال الشيخ أبو القاسم: قال بعضهم: كل اسم من أسمائه يصلح للتخلق به إلا هذ الاسم، فأنه للتعلق دون التخلق. وقال فياسم المؤمن: اعلم أن الموافقة في الأسماء لا تقتضى المشابهة في الذوات، فيصبح أن يكون الحق سبحانه وتعالي مؤمنًا، والعبد مؤمنًا، ولا يقتضي مشابهة العبد الرب، ألا ترى أن الكلاميين يشتركان في الاسم، ولا يتشبهان.

وقال أبو حامد رحمه الله: إن هذا الاسم أعظم الاسماء؛ لأنه دال علي الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها حتى لا يشذ منها شيء، وسائر الأسماء لا تدل أحادها إلا علي آحاد الصفت من علم، أو قدرة، أو غيرها.

قوله: ((الذي لا إله إلا هو)) قال الشيخ أبو القاسم: هذا القول وان كان المراد ابتداؤه النفي، فالمراد به غاية الاثبات، ونهاية التحقيق، فإن قول القائل: لا أخ لي سواك، ولا معين لي غيرك، أكد من قولهم: أنت أخي، وانت معين. قالوا في هذه الكلمة: أننها نفي ما يستحيل كوننه، وأثبات ما يستحيل فقده، أي أن كون الشريك له سبحأنه وتعالي محال وتقدير العدم لوجوده مستحيل.

قال الشيخ أبو علي الدقاق: إذا قال العبد ((لا إله)) صفا قلبه، وحض سره، فيكون ورود قوله ((إلا الله)) علي القلب منقي، وسر مصفي. أقول: كذا فيئ قوله تعالي: {فلبثت فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا} الاستثناء في التأكيد لإثبات المعدود بمنزلة المؤكدات في الشمول، نحو كل وأجمع، وفي خبر ((لا)) في هذه الكلمة مذهبان: حجازي، وتميمي. وقد حققنا القول فيه في شرح التبيان

((قض)): لهذه الكلمة فوائد جمة يقف الحصر دون إحصائها، ولها خمس مراتب: الأولي: أن يتكلم بها المنافق مجردًا عن تصديق قلب، قلت وهي وإن لم تنفعه في الأخرة، لكن لا تدعه محروما من بركتها، من حقن دمه وحرز ماله وأهله. ولعله يحظيه من مال الغنيمة، وربما يفضى به إلي الإخلاص. والثانية: ان ينضم إليها عقد قلب علي سبيل التقليد، وفي صحته خلاف. والثالثة: أن يكون صدورها عن اعتقاد مستفاد من الأمارات، والأكثر علي اعتبارها. والرابعة: أن تكون معربة عن عقد جازم مستفاد من حجج قاطعة، وهي مقبولة بالاتفاق،

<<  <  ج: ص:  >  >>