للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ــ

((الملك)) معناه ذو الملك، وهو إذا كان عبارة عن القدرة علي التصرف، كان من صفات الذات، كالقادر، وإذا كان عبارة عن التصرف في الأشياء بالخلق، والإبداع، والأمانة، والإحياء، كان من أسماء الافعال، كالخالق. وعن بعض المحققين: الملك الحق، هو الغنى مطلقًا في ذاته وفي صفاته عن كل ما سواه، ويحتاج إليه كل ما سواه، إما بواسطة أو بغير واسطة، فهو بتقديره متفرد منفرد وبتدبيره متوحد، ليس لأمره مرد، ولا لحكمه رد. أما العبد محتاج في الوجود إلي الغير، والاحتياج مما ينافي الملك، فلا يمكن أن يكون له ملك مطلق، والملك المطلق مختص عرفًا بمن يسوس ذوى العقول، ويدبر أمورهم، فلذلك يقال له: ملك الناس، ولا يقال ملك الأشياء. وهو أبلغ من المالك باعتبار الزنة في النعوت لأنه فعل في النعوت موضوع للثبات، بخلاف الفاعل، ولذلك أطلق الملك علي الله وحدهن ولم يطلق الملك إلا مضافًا إلي ما يقيد معنى الملك، وباعتبار المعنى؛ لأن كل ملم مالكوا ينعكس.

ووظيفة العارف من هذا الاسم: أن يعلم أنه هو المستغنى علي الإطلاق عن كل شيء، وما عداه مفتقر إليه في وجوده وبقائه، مسخر لحكمه أنه هو المستغنى علي الأطلاق عن كل شيءن وما عداه مفتقر إليه في وجوده وبقائه، مسخر لحكمه وقضائه، فيستغنى عن الناس رأسًا، ولا يرجو ولا يخاف إلا إياه، ويتخلق بالاستغناء علي جنوده ورعاياه، من القوى والجوارح، واستعمالها فيما فيه خير الدارين، وصلاح المنزلين. فعلي هذا قال الشيخ أبو القاسم: ((الملك)) عند أهل التحقيق هو القدرة علي الإبداع والإنشاء، فعلي هذا فلا مالك علي الحقيقة إلا الله، والعبد إذا وصف بالملك، فلفظ الملك في حقه مجاز، وإن كان أحكام الملك في مسائل الشرع في حقه حقيقة؛ فإن لفظ الاستنجاء في الاستطابة توسع فيه ثم لا تمنع أن يكون أحكام الاستنجاء في الشريعة علي الحقيقة.

قيل: ((الملك)) عبارة عن جواز التصرف في الأعيان إن لم يكن مانعًا، هذا في حق الخلق متفأوت، ولكن بالنسبة إلي الحق واحد؛ لأن القدرة الحقيقية بالتصرف في الأعيان بالإيجاد عن العدم، وبالإعدام بالنسبة إلي الحق واحد؛ لأن القدرة الحقيقة بالتصرف في الأعيان بالإيجاد عن العد، وبالإعدام عن الوجود بلا مانع لله تعالي وحده، قال تعالي: {لله ملك السموات والأرض} وقال: {وإن لنا للآخرة والأولي} ذكر ((لام)) التمليك، وقدم الجار والمجرور فنفي الملك في الدارين إلا له. وقال تعالي: ((مالك الملك)) فالملك مملوك المالك، فإذن لا ملك ولا مالك إلا هو، فكل ملم في الدنيا ملكه عارية من الله تعالي وكل مستعار مردود، وإليه الإشارة بقوله في المحشر: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}، ومن ثم سمى نفسه {ملك يوم الدين}؛ لأن العارية من الملك والمالك عادت إلي مالكها وعيرها، ولما كان ملم الملوك في الحقيقة هو الله تعالي وحده، كان أبغض التسمية وأقبحها عنده أن يسمى الرجل نفسه ملك الأملاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>