عن إبراهيم بن أدهم: أنه مر بسكران مطروح علي قارعة الطرق، وقد تقيأ، فنظر إليه وقال: بأي لسان أصابته هذه الآفة، وقد ذكر الله به، وغسل فمه فلما أن أفاق السكران أخبر بما فعله، فخجل، وتاب، وحسنت توبته، فرأي إبراهيم في المنام كأن قائلا يقول له: غسلت لأجلنا فمه غسلنا لأجلك قلبه.
((السلام)) مصدر، نعت به، والمعنى ذو السلامة ممن كل أفة ونقيضه، أي الذي تسلم ذاته عن الحدوث والعيب، وصفاته عن النقص، وأفعاله عن الشر المحض، فإن ما تراه من الشرور فهي مقضية، لا لأنها كذلك، بل لما تتضمن من الخير الغالب الذي يؤدى تركه إلا شر عظيم، فالمقتضى والمفعول بالذات هو الخير، واشر داخل تحت القضاء، وعلي هذا يكون من أسماء التنزيه. والفرق بينه وبين القدوس: أن القدوس يدل علي براءة الشيء من نقص تفتضيه ذاته ويقوم به، فإن القدوس طهارة الشيء في نفسه، ولذلك جاء الفعل منه علي فعل-بالضم- والسلام يدل علي نزاهته عن نقص يعتريه لعروض لآفة، أو صدور فعل، ويقرب منه ما قيل: القدوس فيما لم يزل، والسلام فيما لايزال، وقيل: معناه مالط تسليم العباد من المخأوف والمهالك، فرجع إلي القدرة، فيكون من فات الذات. وقيل ذو السلام علي المؤمنين في الجنان، كما قال تعالي {سلام قولا من رب رحيم} فيكون مرجعه إلي الكلام القديم.
ووظيفة العارف: أن يتخلق به حيث يسلم قلبه عن الحقد والحسد، وإرادة الشر، وقصد الخيانة، وجوارحه عن ارتكاب المحظورات، واقتراف الآثام، ويكون سلما لأهل الإسلام ساعيًا في ذب المضار ودفع المعاطب عنهم، ومسلما عن كل من يراه عرفه أو لم يعرفه. وعن بعض الصالحين: السليم من العباد من سلم عن المخالفات سرًا وعلنًا، وبرئ من العيوب ظاهرًا وباطنًا. قال الشيخ أبو القاسم: ومن آداب من تحقق بهذا الاسم أن يعود إلي مولاه بقلب سليم، والقلب السليم هو الخالص من الغل، والحقد، والحسد؛ فلا يضمر للمسلمين إلا كل خير ونصح، فيحسن الظن بكافتهم، ويسئ الظن بنفسهن فإذا رأي من هو أكبر منه سنًا قال: هو خير منى لأنه أكثر منى طاعة، وإذا رأي من هو دونه في السن قال: أنه خير منى؛ لأنه أقل معصية. وقال المشايخ: إذا ظهر لك من أخيك عيب، فاطلب له سبعين بابا من العذر، فإن اتضح لك عذره، وإلا عد علي نفسك باللوم، وقل: بئس الرجل أنت، حيث لم تقبل سبعين عذرًا من أخيك.
((المؤمن)) المؤمن في الأصل الذي يجعل غيره آمنًا، ويقال للمصدق من حيث أنه جعل المصدق آمنًا من التكذيب والمخالفة، وإطلاقه علي الله تعالي باعتبار كل واحد من المعنين صحيح، فأنه تعالي المصدق: بأن صدق رسله بقوله الصدق، فيكون مرجعه إلي الكلام أو