العبد الرزق؟ فقال: إن علم أين هو فليطلب. وقيل: أيسأل الله؟ فقال: إن علم أنه نسيه فليذكره.
((القابض، الباسط)) ((مظ)): مضيق الرزق علي من أراد، وموسعه لمن شاء. وقيل: هو الذي يقبض الأرواح عن الأشباح عند الممات، وينشر الأرواح في الأجساد عند الحياة، وقيل: قبض القلوب وبسطها،، تارة بالضلالة والهدى، وأخرى بالخشية والرجا،، ولذلك قيل: القابض الذي يكاشفك بجلاله فيفنيك، ويكاشفك بجماله فيبقيك، وكلاهما من منصات الأفعال. وإنما يحسن إطلاقهما معًا ليدل علي كمال القدرة والحكمة.
وحظ العارف منهما: أن يراقب الحالين فيرى القبض عدلا من الله، فيصبر عليه، والبسط فضلا منه، فيشكر. وأن يكون ذا قبض وبسط ضنا علي الأسرار الإلهية علي غير أهلها، وإفاضة لها علي من هو أهلها. قال الشيخ أبو القاسم: القبض والبسط نعتان، يتعاقبان علي قلوب أهل العرفان، فإذا غلب الخوف انقبض، وإذا غلبه الرجا، انبسط. ويحكى عن الجنيد أنه قال: الخوف يقبضنى، والرجاء يبسطنى، والحق يجمعنى، والحقيقة تفرقنى، وهو في ذلك كله موحش غير مؤنسى، بحضورى أذوق طعم وجودى فليته أفنانى، أوغيبنى منى. فإذا كاشف الحق عند وصف جلاله قبضه، وإذا كاشفه بنعت جماله بسطه، والقبض يوجب إيحاشه، والبسط يوجب إيناسه.
ويحكى عن الشبلي أنه قال: من عرف الله حمل السموات والأرضين علي شعرة من جفن عينه، ومن عرف الله لو تعلق به جناح بعوضة (لضج يحمل متنه) *. هذا علي حالتي القبض والبسط. وقال بعضهم: إنه إذا قبض قبض حتى لا طاقة، وإذا بسط بسط حتى لا فاقة. وينبغى للعبد أن يتجنب الضجر وقت قبضه، ويجتنب ترك الأدب في حال بسطه، ومن هذا خشى الأ كابر والسادة.
((الخافض، الرافع)) هو الذي يخفض القسط ويرفعه، أو يخفض الكفار بالخزى والصغار، ويرفع المؤمنين بالنصر والإعزاز، أو يخفض أعداءه بالإبعاد ويرفع أولياءه بالتقريب والإسعاد، وخفض أهل الشقاء بالطبع والإضلال، ورفع ذوى العادة بالتوفيق والإرشاد، وكلاهما من صفاات الأفعال.
وحظ العبد منهما: أن يخفض الباطل، ويرفع الحق، ويعادى أعداء الله فيخفضهم، ويوالي أولياء، فيرفعهم. قال الشيخ أبو القاسم: ليس المرفوع قدرًا، والمعلي شأناً وأمرًا، والمستحق مجدًا وفخرًا، من رفع الطين علي الطين، وتكبر علي المساكين، وتجبر علي أشكاله بكثرة ماله، واستقامة أحواله، وإنما المشرف شأناً، والمعلي رتبة ومكانًا، من رفعه الله بتوفيقه، وأيده لتصديقه، وهداه لطريقه، صفا مع الله قلبه، وجلي له وجهه، وصدق إلي الله شوقه وحنينه.