للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ــ

العظمة: هو الذي لا يتصور، عقل، ولا يحيط بكنهه بصيرة، وهو الله تعالي فيرجع حاصل الاسم إلي التنزيه، والتعالي عن إحاطة العقول بكنه ذاته.

وحظ العبد منه: أن يحقر نفسه ويذللها، للإقبال علي الله تعالي بالانقياد لأوامره ونواهيه، والاجتهاد في اقتناص مراضيه. قال الشيخ أبو القاسم: يجب أن يحمل العظيم في صفة الله تعالي علي استحقاق علو الوصف من استحقاق القدم، ووجود الوحدإنية والانفراد بالقدرة علي الإيجاد، وشمول العلم بجميع المعلومات، ونفوذ الإرادة في المتناولات، وإدراك السمع والبصر لجميع المسموعات والمرئيات، وتنزه ذاته عن قبول الحدثان، فسبحانه من عظم لا يصادره ((عن)) ولا يلاصقه ((إلي)) ولا يحده ((كيف)) ولا يقابل بـ ((كم)) - ولا يستخبر عن ذاته، بـ ((أين)) ولا يستخبر عن نفسه بـ ((ما)). ومن عرف أن مقدوراته لا نهاية لها، علم أنه لو أراد أن يخلق في لحظة عشرين ألف ألف عالم لم يكن إلا كما إذا أراد خلق بعوضة بلا تفاوت بينهما، إذ ليس خلق بقة أعظم عليه من خلق ألف عالم. واعلم أن همة العارف أعظم المخلوقات لأنه يضيع ويتلاشى فيها جملة المقدورات فضلا عن المخلوقات. سبحانه ما أعظم شأنه!.

((الغفور)) كثير المغفرة، وهي صيانة العبد عما استحقه من العقاب بالتجاوز عن ذنوبه من الغفر، وهو إلباس الشىء بما يصونه عن الدنس، ولعل الغفار أبلغ منه؛ لزيادة بنائه.

وقيل: الفرق بينه ربين الغفار أن المبالغة فيه من جهة الكيفية، وفي الغفار باعتبار الكمية. ولعل إيراد كل من أبنية المبالغة من الرحمة والمغفرة في الأسماء التسعة والتسعين لتأكيد أمرهما، والدلالة علي أنه تعالي عظيم الرحمة عميمها، كثير المغفرة كبيرها، والإشعار بأن رحمته أغلب من غضبه، وغفرانه أكبر من عقابه.

((الشكور)) هو الذي يعطي الثواب الجزيل ملي العمل القليل، فيرجع إلي الفعل. وقيل: هو المثنى علي العباد المطيعين، فيرجع إلي القول. وقيل: معناه المجازي عباده علي شكرهم، فيكون الاسم من قبيل الازدواج، كما سمى جزاء السيئة سيئة. وحظ العبد منه: أن يعرف نعم الله تعالي، ويقوم بمواجب شكره، ويواظب علي وظائفه، وأن يكون شاكرًا للناس معروفهم، لأن من لم يشكر الناس لم يشكر الله.

قال الشيخ أبو القاسم: حقيقة الشكر الثناء علي المحسن يذكر إحسانه، ثم العبد يثنى علي الرب بذكر إحسانه الذي هو نعمته، والرب يثنى علي عبده بأن يمدحه، ويذكر إحسانه وطاعاته. وقد قيل: إن الشكور في وصفه بمعنى أنه يعطي الثواب الكثير علي اليسير من الطاعة. حكى أن رجلا رئى في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: حاسبنى، فخفت كفة حسناتى، فوقعت فيها صرة، فقلت، فقلت: ما هذا؟ قال: كف تراب ألقيته في قبر مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>