للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنته الكريمة. وسمعت الشيخ أبا علي الدقاق يقول: لو أن وليا من أولياء الله مر ببلدة، لنال بركات مروره أهل تلك البلدة، حتى يغفر الله لهم كلهم، قال الله تعالي:} ولم يكن له ولي من الذل {فأولياؤه يكونون في العز في دنياهم وعقباهم، وآخرتهم وأولاهم. جعلنا الله منهم بفضله ورحمته.

((الحميد)) المحمود المستحق للثناء، فإنه الموصوف بكل كمال، والمولي لكل نوال، وإن من شيء إلا يسبح بحمده بلسان الحال، فهو الحميد المطلق. والحمد أعم من الشكر من حيث إنه يطلق بمعنى الثناء علي الجميل من الصفات والأفعال، يقال: حمدت فلانا علي علمه وكرمه. والشكر مخصوص بالنعم وإن كان الشكر أعم منه من حيث إنه يكون باللسان والقلب والجوارح، والحمد لا يكون إلا باللسان. وحظ العبد منه: أن يسعى لينخرط في سلك المقربين الذين يحمدون الله لذاته لا لغيره، وأن يستضئ بانعكاس نور هذا الاسم إذا سعى قدر ما يقدر في تنقيح عقائده، وتهذيب أخلاقه، وتحسين أعماله، ثم إنه بعد لم يخل عن مذمة خلقه، أو منقصة خلقته لا يستطيع التفصي عنه.

قال الشيخ أبو القاسم: حمد العبد لله تعالي الذي هو شكره ينبغي أن يكون علي شهود المنعم؛ لأن حقيقة الشكر الغيبة بشهود المنعم عن شهود النعمة. وقيل: إن داود عليه السلام قال في مناجاته: إلهي كيف أشكرك، وشكري لك نعمة منك علي؟ فأوحى الله إليه: الآن قد شكرتني. وكم من عبد يتوهم أنه في نعمة يجب شكرها، وهو في الحقيقة في محنة يجب عليه الصبر عنها، فإن حقيقة النعمة ما يوصلك إلي المنعم لا ما يشغلك عنه، فإذن النعم ما كان دينيا، فإن كان مع النعم الدينية راحات معجلة، فهو الكمال، فإن وجد التوفيق للشكر فذاك، وإلا انقلبت النعمة محنة.

((المحصى)) العالم الذي يحصي المعلومات، ويحيط بها إحاطة العاد بما يعده. وقيل: القادر الذي لا يشذ عنه شيء من المقدورات، وقد سبق الكلام في شرح الإحصاء في أول الباب. والعبد وإن أمكنه إحصاء بعض المعلومات، والوصول إلي بعض ما يقدر عليه، لكنه يعجز عن إحصاء أكثرها، فينبغي أن يحصي ما قدر عليه من أعمال نفسه قبل أن يحصي، ويتلافي مقابح أعماله قبل أن يجازى. قال الشيخ أبو القاسم: ومن آداب من علم أنه المحصى: أن يتكلف عد آلائه لديه وإن علم أنه لا يحصيها، قال الله تعالي:} وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها {ليزجى وقته بذكر إنعامه، وشكر أقسامه، مستوجب المزيد من عوائد إحسانه.

رئى بعضهم يعد تسبيحاته، فقيل: أتعد عليه؟ قال: لا ولكن أعد له. فيجب أن يراعى

<<  <  ج: ص:  >  >>