للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العدم الأصلي. قال بعض الصالحين: المحيي من أحيا قلوب العارفين بأنوار معرفته، وأرواحهم بلطف مشاهدته، والمميت من أمات القلوب بالغفلة، والنفوس باستيلاء الزلة، والعقول بالشهوة.

وحظ العبد: أن تسعى روحه بالمعارف الإلهية، والاستعداد لقبول الواردات الغيبية، وإماتة القوى الغضبية والشهوية في نفسه. قال الشيخ أبو القاسم: من أقبل عليه الحق أحياه، ومن غيبه أماته وأفناه. وأنشد:

أموت إذا ذكرتك ثم أحيى ... فكم أحيى عليك وكم أموت

((الحي)) ذو الحياة، وهو الفعال الدراك، واختلف في معنى الحياة، فذهب أكثر أصحابنا، والمعتزلة إلي أنه صفة حقيقية قائمة بذاته لأجلها، صح لذاته أن يعلم ويقدر. وذهب آخرون إلي أن معناها: أنه لا يمتنع منه أن يعلم ويقدر، هذا في حقه، وأما في حقنا: فعبارة عن اعتدال المزاج المخصوص بجنس الحيوان. وقيل: هو القوة التابعة له، المعدة لقبوله الحس والحركة الإرادية.

وحظ العبد منه: أن يصير حيا بالله حتى لا يموت، كما قال تعالي:} ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم {قال الشيخ أبو القاسم: إذا علم العبد أنه تعالي حي وعالم، وأنه حي لا يموت، وقديم وقائم، لا يجوز عليه العدم، صح توكله عليه، ولهذا قال تعالي:} وتوكل علي الحي الذي لا يموت {أي أن من اعتمد علي مخلوق، واتكل عليه ليوم حاجته، احتمل وفاته وقت حاجته إليه، فيضيع رجاؤه وأمله لديه.

((القيوم)) فيعول للمبالغة، كالديور والديوم، ومعناه القائم بنفسه المقيم لغيره، وهو علي الإطلاق والعموم لا يصح إلا لله تعالي، فإن قوامه بذاته لا يتوقف بوجه ما علي غيره، وقوام كل شيء به؛ إذ لا يتصور للأشياء وجود ودوام إلا بوجوده، وللعبد فيه مدخل بقدر استغنائه عما سوى الله وإمداده للناس، وكان مفهومه مركب من نعوت الجلال، وصفات الأفعال. قال الشيخ أبو القاسم: من عرف أنه القيوم بالأمور استراح عن كد التدبير، وتعب الاشتغال، وعاش براحة التفويض، فلم يضن بكريمة، ولم يجعل في قلبه للدنيا كثرة قيمة.

((الواجد)) هو الذي يجد كل ما يطلبه ويريده، ولا يعوزه شيء من ذلك. وقيل: الغنى مأخوذ من الوجد، قال الله تعالي:} أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم {.وحظ العبد: أنه إذا عرف أن الله غني، فمن أماراته أن يستغني به، ويلتجئ إليه. قال الشيخ أبو القاسم: والوجد عند القوم ما يصادفونه من الأحوال من غير تكلف ولا تطلب. قالثوري: الوجد لهيب ينشأ

<<  <  ج: ص:  >  >>