للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرءوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام،

ــ

((البر)) المحسن، وهو البر في الحقيقة؛ إذا ما من بر وإحسان إلا وهو موليه. قال الشيخ أبو القاسم: من كان الله تعالي بارا به، عصم عن المخالفات نفسه، وأدام بفنون اللطائف أنسه، وطيب فؤاده، وحصل مراده، ووفر في طريقه اجتهاده، وجعل التقوى زاده، وجعل قصده سداده، ومبتغاه وساده، وأغناه عن إشكاله بإفضاله، وحماه عن مخالفته بيمن إقباله، فهو ملك لا يستظهر بجيش وعدد، وغنى لا يتمول بمال وعدد. ومن آداب من عرف أنه تعالي البر: أن يكون بارا بكل أحد لاسيما بأبويه.

((التواب)) الذي يرجع بالإنعام علي مذنب حل عقد إصراره، ورجع إلي التزام الطاعة بقبول توبته، من التوب وهو الرجوع. وقيل: هو الذي ييسر للمذنبيين أسباب التوبة، ويوفقهم لها، ويسوق إليهم ما ينبههم عن رقدة الغفلة، ويطلعهم علي وخامة عواقب الزلة؛ فسمى المسبب للشيء باسم المباشر له، كما أسند إليه فعله في قولهم: بني الأمير المدينة. وحظ العبد منه: أن يكون واثقا بقبول التوبة غير آيس عن الرحمة، يكره ما اقترفه من الذنوب صفاحا عن المجرمين، قابلا لمعاذيرهم، حتى يفوز بنصيب كامل من هذا الوصف، ويصير متخلقا بهذا الخلق كل التخلق. قال الشيخ أبو القاسم: قيل توبة الله تعالي علي العبد توفيقه للتوبة؛ لأنه ما لم يتب علي العبد لا يتوب، فإذن ابتداء التوبة وأصلها من الله، وكذلك تمامها علي الله تعالي، ونظامها بالله نظامها في الحال، وتمامها في المآل، ولولا أن الله تعالي يتوب علي العبد، ما كان للعبد توبة؟ قال الله تعالي:} ثم تاب عليهم ليتوبوا {.ومن الكرم أن يتوب علي ذنبك فيك. وأنشد:

إذا مرضنا أتيناكم نعود ... كم فتذنبون فنأتيكم ونعتذر

((المنتقم)) هو المعاقب للعصاة علي مكروهات الأفعال. والانتقام افتعال من نقم الشيء إذا كرهه غاية الإكراه، وهو لا يحمد من العبد إلا إذا كان انتقامه من أعداء الله، وأحق الأعداء بالانتقام نفسه، فينتقم منها مهما قارفت معصية، أو تركت طاعة، بأن يكلفها خلاف ما حملته عليه.

((العفو)) هو الذي يمحو السيئات، ويتجاوز عن المعاصي، وهو أبلغ من الغفور؛ لأن الغفران ينبئ عن الستر، والعفو ينبئ عن المحو، وأصل العفو: القصد لتناول الشيء، سمي به المحو؛ لأنه قصد لإزالة الممحو. وحظ العبد منه ظاهر. قال الشيخ أبو القاسم: من عرف أنه تعالي عفو، طلب عفوه، ومن طلب عفوه، تجاوز عن خلقه، فإن الله تعالي بذلك أدبهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>