للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٠١ - وعن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلي الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، قال: ((مازلت علي الحال التي فارقتك عليها؟)) قالت: نعم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)) رواه مسلم.

ــ

لذاته عما يليق بجلاله، وتقديس لصفاته من النقائص، فيندرج فيه معنى قوله ((لا إله إلا الله))، وقوله ((وبحمده)) صريح في معنى ((والحمدلله صلى الله عليه وسلم))؛لأن الإضافة فيه بمعنى اللام في الحمد، ومستلزم لمعنى ((والله أكبر))؛لأنه إذا كان كل الفضل والإفضال لله ومن الله، وليس من غيره، فلا يكون أحد أكبر منه.

فإن قلت: يلزم من هذا أن يكون التسبيح أفضل من التهليل. قلت: لا يلزم ذلك؛ إذ التهليل تصريح في التوحيد، والتسبيح متضمن له، ولأن نفي الإلهية في قول: ((لا إله إلا الله)) نفي لمصححهما من الخالقية والرازقية وكونه مثيبا ومعاقبا من الغير، وقوله: ((إلا الله)) إثبات له، يلزم من ذلك ما نفي ما يضاد الإلهية ويخالفها من النقائض، فمنطوق ((سبحان الله)) تنزيه، ومفهومه توحيد، ومنطوق ((لا إله إلا الله)) توحيد، ومفهومه تقديس، فإذا اجتمعا دخلا في أسلوب الطرد والعكس، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

الحديث الثامن عن جويرية، وهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أبيها الحارث بن ضرار: قوله: ((في مسجدها)) أي موضع سجودها للصلاة بعد أن أضحى، أي دخل في الضحى. و ((أربع كلمات)) نصب علي المصدر، أي تكلمت بعد مفارقتك أربع كلمات. قوله: ((لوزنتهن)) ((تو)):أي ساوتهن، أي لو قوبلت بما قلت لساوتهن، ويحتمل أن يراد الرجحان، أي رجحت عليهن في الوزن، كما تقول: حاججته فحججته، أي غلبته في الحجة، أعاد الضمير إلي ما يقتضيه المعنى لا إلي لفظه ((ما)) في قوله: ((ما قلت))،وفيه تنبيه علي أنها كلمات كثيرة، و ((اليوم)) في قوله: ((منذ اليوم)) مجرور، وهو الاختيار.

((شف)):وقوله: ((عدد خلقه)) وكذلك ما بعده نصب علي المصدر، أي سبحته تسبيحا يساوي خلقه عند التعداد، وزنة عرشه، ومداد كلماته في المقدار، ويوجب رضي نفسه، أو يكون ما يرتضيه لنفسه. ((مظ)): ((عدد خلقه)) منصوب علي المصدر، أي أعد تسبيحه وتحميده بعدد خلقه، وبمقدار ما يرضاه خالصا، وبثقل عرشه، ومقداره، وبمقدار كلماته. ((تو)): ((زنة عرشه)) ما يوازنه في القدر والرزانة، يقال: هو زنة الجبل أي حذاؤه في الثقل، والوزانة المداد، مصدر، تقول: مددت الشيء أمده مدا ومدادا. وقيل: يحتمل أن يكون جمع مد- بالضم- أي

<<  <  ج: ص:  >  >>