للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٤٥ - وعن صفوان بن عسال ((رضي الله عنه)قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالي جعل بالمغرب بابا، عرضه مسيرة سبعين عاما للتوبة، لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله، وذلك قول الله عز وجل: ((يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها ما لم تكن آمنت من قبل)).رواه الترمذي، وابن ماجه. [٢٣٤٥]

٢٣٤٦ - وعن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع

ــ

الحديث التاسع عن صفوان: قوله: ((إن الله تعالي جعل بالمغرب بابا)) ((قض)):المعنى أن باب التوبة مفتوح علي الناس، وهم في فسحة وسعة منها، ما لم تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت انسد عليهم، فلم يقبل منهم إيمان ولا توبة؛ لأنهم إذا عاينوا ذلك، واضطروا إلي الإيمان والتوبة، فلا ينفعهم ذلك، كما لا ينفع المحتضر. ولعله لما رأي أن سد الباب إنما هو من قبل المغرب، جعل فتح الباب أيضا من ذلك الجانب. وقوله: ((مسيرة سبعين عاما)) مبالغة في التوسعة، أو تقدير لعرض الباب بمقدار ما يسده من جرم الشمس الطالع من الغرب.

قوله:} لا ينفع نفسا إيمانها {تمسكت المعتزلة بها علي أن الإيمان المجرد لا ينفع شيئا. –الكشاف-: ((لم تكن آمنت من قبل)) صفة لقوله:} نفسا {وقوله:} أو كسبت في إيمانها خيرا {عطف علي ((آمنت))،والمعنى أن أشراط الساعة إذا جاءت- وهي آيات ملجئة مضطرة- ذهب أوان التكليف عندها، فلم ينفع الإيمان حينئذ نفسا غير مقدمة إيمانها من قبل ظهور الآيات، أو مقدمة إيمانها غير كاسبة خيرا في إيمانها. فلم يفرق كما ترى بين النفس الكافرة إذا آمنت في غير وقت الإيمان، وبين النفس التي آمنت في وقتها ولم تكسب خيرا؛ ليعلم أن قوله تعالي:} الذين آمنوا وعملوا الصالحات {جمع بين قرينتين لا ينبغي أن تتفك إحداهما عن الأخرى، حتى يفوز صاحبهما ويسعد، وإلا فالشقاوة والهلاك. الجواب أنه إن حمل علي ما قال، لم يفد قوله:} في إيمانها {،لما يلزم من العطف علي ((آمنت)) حصول الكسب في الإيمان، فالوجه أن يحمل علي الوجه التقديري، بأن يقال: لا ينفع نفسا إيمانها حينئذ، أو كسبها في إيمانها خيرا، حينئذ لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا من قبل، والإيجاز من حلية التنزيل.

الحديث العاشر عن معاوية: قوله: ((لا تنقطع الهجرة)) لم يرد بها الهجرة من مكة إلي المدينة؛ لأنها انقطعت، ولا الهجرة من الذنوب والخطايا، كما ورد ((المهاجر من هاجر الذنوب والخطايا)) لأنها عين التوبة، فليلزم التكرار، فيجب أن يحمل علي الهجرة من مقام لم يتمكن فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>