للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٥٠ - وعن أي ذر، قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالي يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديت؛ فاسألوني الهدى أهدكم. وكلكم فقراء إلا من أغنيت؛ فاسألوني أرزقكم. وكلكم مذنب إلا من عافيت؛ فمن علم منكم إني ذو قدرة علي المغفرة فاستغفرني غفرت له ولا أبالي. ولو أن أولكم وآخركم وحيكم، وميتكم، ورطبكم، ويابسكم اجتمعوا علي أتقى قلب عبد من عبادي؛ ما زاد ذلك في ملكي جناح بعوضة. ولو أن أولكم وآخركم وحيكم، وميتكم، ورطبكم، ويابسكم اجتمعوا في صعيد واحد؛ ما نقص ذلك من ملكي إلا كما لو أن أحدكم مر بالبحر فغمس فيه إبرة، ثم رفعها؛ ذلك بإني جواد ماجد أفعل ما أريد، عطائي كلام، وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردت أن أقوله له: ((كن، فيكون)))) رواه أحمد والترمذي، وابن ماجه. [٢٣٥٠]

ــ

الحديث الرابع عشر عن أبي ذر رضي الله عنه: قوله: ((يقول الله تعالي: كلكم ضال)) الحديث سبق شرحه مستوفي في الفصل الأول، وسنذكر أبحاثا مخصوصة بهذا الحديث، منها قوله: ((كلكم مذنب إلا من عافيت)) أي من شأن بني آدم وجبلتهم، أن يذنب إلا من أعصمه من الأنبياء، والصديقين، فوضع ((عافيت)) موضع ((عصمت)) يشعر بأن الذنب مرض ذاتي، وصحته عصمة الله تعالي منه. وقوله: ((فمن علم)) مرتب علي حاصل معنى الذكور، أي فمن لم أعصمه فأذنب، وعلم إني ذو قدرة علي المغفرة، ((غفرت له)).

قوله: ((ورطبكم ويابسكم)) ((مظ)):أي أهل البحر والبر، ويحتمل أن يراد بالرطب النبات والشجر، وباليابس الحجر والمدر، يعني لو صار كل مافي الأرض من النبات والشجر والحجر والمدر إنسانا كان كيت كيت. أقول: الرطب واليابس عبارتان عن الاستيعاب التام، كما في قوله تعالي:} ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين {.والإضافة إلي ضمير المخاطبين تقتضي أن يكون الاستيعاب في نوع الإنسان، فيكون تأكيدا للشمول بعد تأكيد، وتقريرا بعد تقرير.

قوله: ((إلا كما لو أن أحدكم)) هذا تمثيل يوهم النقصان في الممثل أيضا. قلت: هو من باب الفرض والتنزل، أي لو فرض النقص في ملك الله تعالي، لكان مقداره مقدار الممثل به، نحو قوله تعالي:} لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي {وقد حققنا القول فيه في شرح

<<  <  ج: ص:  >  >>