للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٥١ - وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قرأ:} هو أهل التقوى وأهل المغفرة {قال: ((قال ربكم)) أنا أهل أن أتقى، فمن اتقإني فأنا أهل أنا أغفر له)).رواه الترمذي، وابن ماجه، والدرامي.

ــ

الكشاف. قوله: ((وذلك بإني جواد ماجد)) فيه ترق؛ لأن الماجد أبلغ من الجواد، فإن معناه السعة في الكرم والجلال، موقع ذلك هاهنا كموقع} أولئك علي هدى من ربهم {من الكلام السابق، يعني بإني جدير أن أتمدح بالجواد الماجد، لإني هاد كل ضال، ومغن لكل فقير، وعاف لكل مذنب، وغافر لكل مستغفر، وإن طاعتكم ومعصيتكم لا تزيد ولا تنقص من ملكي شيئا، وإن خزائن رحمتي لا ينفدها إسعاف حاجاتكم.

قوله: ((عطائي كلام)) إلي آخره استئناف علي بيان الموجب لقوله: ((أفعل ما أريد)). ((تو)):المعنى الخلق يعتريهم العجز إذا أرادوا الانتقام، ويعتورهم العوز إذا أرادوا الإعطاء؛ لأنهم يفتقرون فيه إلي مادة فينقطع بهم انقطاع المادة، وأنا الغني القادر الذي لا يفتقر إلي المواد، ولا ينقص ما عندي بالعطاء، وإني إذا أردت إيجاد شيء لم يتأخر كونه عن الأمر. قوله: ((كن فيكون)) –الكشاف-: ((كن)) من كان التامة، أي أحدث فيحدث، وهذا ومعناه أن ما قضاه من الأمور وأراد كونه فإنما يتكون، ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف، كالمأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل، ولا يتوقف ولا يمتنع، ولا يكون فيه الإباء.

الحديث الخامس عشر عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((أهل التقوى)) أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب، أو دين، أو ما يجري مجراهما من صناعة، وبيت وبلد وضيعة. وكما قيل لمن يجمعهم دين: هم أهل دين، كذا نفاه عن ابن نوح بقوله:} إنه ليس من أهلك {ثم تجوز واستعمل في معنى الخليق والجدير، فقيل: فلان أهل لكذا، أي خليق به، وهو المعنى بقوله: ((هو أهل التقوى)). والواو في قوله تعالي:} وأهل المغفرة {عاطفة بمنزلة الفاء السببية، أخبر الله تعالي أنه أهل التقوى، أي حقيق بأن يتقى منه، وأخبر بأنه حقيق يغفر لمن اتقاه، ففوض الترتب إلي ذهن السامع، ولعل الفاء في قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله: ((فأنا أهل أن أغفر له)) تفسير لهذا الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>