رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش علي ولدها، وأخر الله تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة)) متفق عليه.
٢٣٦٦ - وفي رواية لمسلم عن سلمان نحوه. وفي آخره قال:((فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة)).
٢٣٦٧ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة؛ ما طمع بجنته أحد. ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة؛ ما قنط من جنته أحد)) متفق عليه.
٢٣٦٨ - وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجنة أقرب من أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك)) رواه البخاري.
ــ
للأمة مثلا، فيعرفوا التناسب الذي بين الجزئين، ويجعل لهم مثالا فيفهموا به التفاوت بين القسطين، قسط أهل الإيمان منها في الآخرة، وقسط كافة المربوبين في الأولي، فجعل مقدار حظ الفئتين من الرحمتين الدارين علي الأقسام المذكورة، تنبيها علي المستعجم، وتوفيقا علي المستبهم، ولم يرد به تحديد ما قد جل عن الحد، أو تعديد ما تجاوز عن العد. قوله:((وأخر الله)) عطف علي ((أنزل منها الرحمة))،وأظهر المستكن بيانا لشدة العناية برحمة الله الأخروية.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لو يعلم المؤمن)) سياق الحديث في بيان صفتي القهر والرحمة لله تعالي، كما أن صفات الله تعالي غير متناهية، لا يبلغ كنه معرفتها أحد، كذلك عقوبته ورحمته، فلو فرض أن المؤمن وقف علي كنه صفة القهارية، أظهر منها ما يقنط من ذلك الخلق طرا، فلا يطمع بجنته أحد، هذا معنى وضع ((أحد)) موضع ضمير ((المؤمن)).ويجوز أن يراد بالمؤمن الجنس علي سبيل الاستغراق، فالتقدير: أحد منه. ويجوز أن يكون المعنى علي وجه آخر، وهو أن المؤمن قد اختص بأن يطمع بالجنة، فإذا انتفي الطمع منه، فقد انتفي عن الكل وكذلك الكافر مختص بالقنوط، فإذا انتفي القنوط عنه فقد انتفي عن الكل. ((مظ)):ورد الحديث في بيان كثرة عقوبته ورحمته، كيلا يغتر مؤمن برحمته فيأمن عذابه، ولا ييأس كافر من رحمته.
الحديث الرابع عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((من شراك نعله)) ((نه)):الشراك أحد سيور النعل التي يكون علي وجهها. أقول: ضرب القرب مثلا بالشراك؛ لأن سبب حصول الثواب والعقاب، إنما هو يسعى العبد، وتحري السعي بالأقدام، وكل من خيرا استحق