٢٣٨٤ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى أحدكم إلي فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره؛ فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)) وفي رواية: ((ثم ليضطجع علي شقه الأيمن ثم ليقل: باسمك)) متفق عليه.
ــ
قوله:((أحيانا بعد ما أماتنا)) ((مظ)):سمي النوم موتا؛ لأنه يزول معه العقل والحركة، تمثيلا وتشبيها، وقيل: الموت في كلام العرب يطلق علي السكون، يقال: ماتت الريح إذا سكنت، ويستعمل في زوال القوة العاقلة، وهي الجهالة في قوله تعالي:} أو من كان ميتا فأحييناه {،وقوله تعالي:} إنك لا تسمع الموتى {،وقد يستعار الموت للأحوال الشاقة، كالفقر والذل والسؤال والهرم والمعصية، وغير ذلك.
أقول: ولا ارتياب في أن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو بتحري رضي الله وتوخي طاعته، والاجتناب عن سخطه وعقابه، فمن زال عنه هذا الانتفاع، ولم يأخذ نصيب حياته، فكان كالميت، وكان قوله:((الحمدلله)) شكرا لنيل هذه النعمة، وزوال ذلك المانع. وهذا التأويل موافق للحديث السابق واللاحق من قوله:((أمسينا وأمسى الملك لله))، ومن قوله:((وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ عبادك الصالحين به))،وينتظم معه قوله:((وإليه النشور)) أي إليه المرجع في نيل الثواب مما نكتسبه في حياتنا هذه.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بداخلة إزاره)) ((قض)):هي الحاشية اللي تلي الجسم وتماسه، وإنما أمر بالنفض بها؛ لأن المتحول إلي فراشه يحل بيمنه خارجة الإزار، وتبقى الداخلة معلقة فينفض بها. قوله:((ما خلفه)) ((فا)): ((ما)) مبتدأ و ((يدري)) معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام. ((مظ)): ((خلفه)) أي أقام مقامه بعده علي الفراش، يعني لا يدري ما وقع في فراشه بعد ما خرج هو منه من تراب، أو قذاة، أو هوام.
قوله:((إن أمسكت نفسي)) هو من قوله تعالي:} الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلي أجل مسمى {جمع النفسين في حكم التوفي، ثم فرق بين جهتي التوفي بالحكم بالإمساك وهو قبض الروح، والإرسال وهو رد الحياة، أي الله يتوفي الأنفس، النفس التي تقبض، والنفس التي لم تقبض فيمسك الأولي ويرسل الأخرى. قوله:((بما تحفظ به)) ((الباء)) مثلها في كتبت بالقلم، و ((ما)) موصولة مبهمة،