وفي رواية:((فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات، وإن أمسكت نفسي فاغفر لها))
٢٣٨٥ - وعن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلي فراشه نام علي شقه الأيمن ثم قال: ((اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك. آمنت بكتابك الذين أنزلت، ونبيك الذي أرسلت)).وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من قالهن ثم مات تحت ليلته مات علي الفطرة)).
ــ
وبيانها ما دل عليه صلتها؛ لأن الله تعالي إنما يحفظ عباده الصالحين من المعاصي، ومن أن لا يهنوا في طاعته وعبادته، بتوفيقه ولطفه. قوله:((بصنفة ثوبه)) ((فا)):هي حاشية الإزار التي تلي جسده.
الحديث الرابع عن البراء: قوله: ((أسلمت نفسي إليك)) في هذا النظم غرائب وعجائب، لا يعرفها إلا الثقات من أهل البيان؛ فقوله:((أسلمت نفسي)) إشارة إلا أن جوارحه منقادة لله تعالي في أوامره ونواهيه، وقوله:((وجهت وجهي)) إلي أن ذاته وحقيقته مخلصة له بريئة من النفاق، وقوله:((فوضت)) إلي أن أموره الخارجة والداخلة مفوضة إليه، لا مدبر لها غيره، وقوله:((ألجأت ظهري إليك)) بعد قوله: ((فوضت أمري)) إلي أن بعد تفويض أموره- التي هو مفتقر إليها وبها معاشه، وعليها مدار أمره- يلتجئ إليه مما يضره، ويؤذيه من الأسباب الداخلة والخارجة، ثم قوله:((رغبة ورهبة)) منصوبان علي المفعول له علي طريقة اللف والنشر، أي فوضت أمري إليك رغبة، وألجأت ظهري من المكاره والشدائد إليك رهبة منك؛ لأنه لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك. ((ملجأ)) مهموز، و ((منجأ)) مقصور همز للازدواج. وقوله:((نبيك الذي أرسلت)) تخصيص من التخصيص، فعلي هذه قوله:((رغبة ورهبة إليك)) من باب قوله: متقلدا سيفا ورمحا. ومعنى قوله:((تحت ليلته)) أنه لم يتجاوز عنه إلا النهار؛ لأن يسلخ من النهار، فهو تحته، أو يكون المعنى: إن مت تحت نازلة تنزل عليك في ليلتك، وكذا معنى ((من)) الرواية الأخرى ((مت من ليلتك)) أي من أجل ما يحدث في ليلتك. وقوله:((مات علي الفطرة)) أي مات علي الدين القويم ملة إبراهيم، فإنه عليه السلام أسلم واستسلم، وقال: أسلمت لرب العالمين، وجاء بقلب سليم.
قوله:((ونبيك الذي أرسلت)) ((تو)):في بعض طرق هذا الحديث عن البراء قال: قلت: ((وبرسولك الذي أرسلت)) قال: ((نبيك))،قيل: إنما رد عليه قوله؛ لأن البيان صار مكررا من غير إفادة زيادة في المعنى، وذلك مما يأبه البليغ، ثم لأنه كان نبيا قبل أن يكون رسولا،