هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم علي أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)). رواه مسلم.
٢٥٠٦ - وعنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم،: أي العمل أفضل؟ قال:((إيمان بالله ورسوله)). قيل: ثم ماذا؟ قال:((الجهاد في سبيل الله)). قيل: ثم ماذا؟ قال:((حج مبرور)). متفق عليه.
٢٥٠٧ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)). متفق عليه.
ــ
وقوله:((فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)) من أجل قواعد الإسلام، ومن جوامع الكلم؛ لما يدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام، كالصلاة بأنواعها، فإنه إذا عجز عن بعض أركانها، أو شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن غسل بعض أعضاء الوضوء أو الغسل، أو غسل الممكن، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة، فعل ما يمكن، وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن، وأشباهها غير محصور.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أي العمل أفضل)) قد ورد كثير من أحاديث المفاضلة بين الأعمال علي منوال يشكل التوفيق بينها، والوجه في أول كتاب الصلاة. قوله:((حج مبرور)) يقال: بره أحسن إليه، فهو مبرور، ثم قيل: بر الله عمله إذا قبله، كأنه أحسن إلي عمله بأن قبله ولم يرده، وعلامة كونه مقبولاً الإتيان بجميع أركانه وواجباته، مع إخلاص النية واجتناب ما نهي عنه.
قوله:((إيمان بالله، والجهاد، وحج مبرور)) أخبار مبتدأ محذوف، نكر الإيمان؛ ليشعر بالتعظيم والتفخيم، أي التصديق المقارن بالإخلاص المستتبع للأعمال الصالحة. وعرف ((الجهاد)) ليدل علي الكمال، لأن الخبر المعرف باللام يدل علي الاختصاص، كما قال:((فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)) ووصف ((الحج)) بـ ((المبرور)) ليدلي بما يدلي التنكير في الإيمان، والتعريف في الجهاد. فإن قلت: لم لا يحملها علي الابتداء محذوفة الأخبار؟ قلت: يأبي التنكير في الإيمان ذلك، علي أن المقدر في الكل أفضل الأعمال، وهو أعرف من ((حج مبرور)) زمن ((إيمان بالله))، فأجرى الجهاد مجراهما مراعاة للتناسب.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فلم يرفث)) ((نه)): الرفث التصريح
بذكر الجماع، والإعراب به. وقال الأزهري: هو كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة.