٢٥٢٦ - وعن ابن عمر، قال: جاء رجل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما يوجب الحج؟ قال:((الزاد والراحلة)). رواه الترمذي، وابن ماجه. [٢٥٢٦]
٢٥٢٧ - وعنه، قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما الحاج؟ فقال:((الشعث النفل)). فقام آخر، فقال: يا رسول الله! أي الحج أفضل؟ قال:((العج والثج)). فقام آخر، فقال: يا رسول الله! ما السبيل؟ قال:((زاد وراحلة)). رواه في ((شرح السنة)). وروى ابن ماجه في ((سننه)) إلا أنه لم يذكر الفصل الأخير. [٢٥٢٧].
ــ
الحديث السادس والسابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((ما الحاج)) ((ما)) يسأل بها عن الجنس، أو عن الوصف، والمراد الثاني لجوابه صلى الله عليه وسلم:((الشعث التفل)) الشعث: هو المغبر الرأس الذي لم يمتشط، و ((التفل)) أن لا يتطيب من تفل الشيء من فيه، إذا رمى به متكرهاً له. وإنما ذكر هذين الوصفين لما فيهما من المعنى البالغ في سمت المحرم وهديه، ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان يجيب السائل علي ما يعرفه من حاله، ويتوسم فيه من الأمارات الدالة علي مقصده؛ فلعله أجاب بذلك بناءً علي ما تبين له من مغزاه. ((مظ)): إذا أحرم الرجل لا يمتشط رأسه ولحيته، لئلا ينتف الشعر، فإن امتشط ولم ينتف الشعر فلا بأس، وإن نتف لزمه دم بثلاث شعرات أو أكثر. وفي شعره مد أو درهم علي الخلاف، وكذا الشعرتان. وأما استعمال الطيب فحرام، ويجب فيه دم شا’.
قوله ((أي الحج)) ((تو)): يعني أي أعمال الحج أفضل؟ حذف المضاف وأقام إليه مقامه، وأراد بالحج رفع الصوت بالتلبية، وبالثج سيلان دم الهدي، ويحتمل أن يكون السؤال عن الحج نفسه، ويكون قوله:((العج والثج)) أي الذي فيه العج والثج.
أقول: يمكن أن يراد بهما الاستيعاب، فابتدأ بالإحرام الذي هو الإهلال، وانتهي بالتحليل الذي هو إهراق دم الهدي، فاختصر اقتصاراً بالمبدأ والمنتهي عن سائر الأعمال، ونحوه قوله تعالي {كما أرسلنا إلي فرعون رسولاً- إلي قوله- فأخذناه أخذاً وبيلاً} فينطبق علي هذا الجواب علي السؤال، أي أفضل الحج ما استوعب فيه جميع أعماله من الأركان، والمندوبات وغيرهما. والتعريف في ((السبيل)) للعهد، والمعهود المنكر في قوله تعالي:{من استطاع إليه سبيلاً} والفصل الأخير قوله: ((فقام آخر قائلاً: ما السبيل؟)).