من شعائر الله} أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقي عليه حتى رأي البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره، وقال:((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو علي كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده،
ــ
مقدمتها مسوقة لإثبات التوحيد، وساقتها لنفي الأنداد، والأضداد، والشركاء، فقدم الإثبات علي النفي فيها للاهتمام بشأنه حينئذ، لاضمحلال الكفر واندراس آثاره يوم الفتح. والله أعلم.
قوله: ((فاستلمه)) ((مح)): يستحب لمن طاف القدوم إذا فرغ من صلاته خلف المقام أن يعود إلي الحجر فيستلمه ثم يخرج من باب الصفا، ولو خرج لو يلزمه دم، قوله:((من الصفا)) ((مح)): قال أصحابنا: يستحب أن يرقى علي الصفا والمروة، حتى يرى البيت إن أمكنه، وأن يقف علي الصفا مستقبل الكعبة، ويذكر الله تعالي بهذا الدعاء ثلاث مرات.
قوله:{إن الصفا والمروة} هما علمان للجبلين، و ((الشعائر)) جمع شعيرة، وهي العلامة، أي من أعلام مناسكه، ومتعبداته. ولما كان الصفا مقدماً في التنزيل علي المروة، قال:((أبدأ بما بدأ الله به)). ((مح)): الابتداء بالصفا شرط، وعليه الجمهور، وعن بعضهم: به احتج من أوجب الترتيب في الوضوء علي أنه لو بدأ بالمروة لكان ذلك الشوط غير محسوب له. وفيه دليل علي وجوب الطواف بين الصفا والمروة، كما يجب الطواف بالبيت. وقال بعضهم: ليس بواجب، بل هو تطوع؛ لقوله تعالي:{فلا جناح عليه أن يطوف بهما} ورفع الجناح يدل علي الإباحة، ويجب علي تاركه الدم. ورد بأن الآية إنما أنزلت في الأنصار، كانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فقيل لهم:((فلا جناح عليه أن يطوف بهما))، ودلائل الوجوب موجودة.
قوله:((وقال: لا إله إلا الله)) يحتمل أن يكون قولاً آخر غير ما سبق من التوحيد والتكبير، وأن يكون كالتفسير له والبيان، والتكبير وإن لم يكن ملفوظاً، لكن معناه مستفاد من هذا القول، و ((وحده)) حال مؤكدة من ((الله)) لقوله تعالي: {هو الحق مصدقاً} وقوله تعالي: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائماً بالقسط} في أحد الوجهين. ويجوز أن يكون مفعولاً مطلقاً، و ((لا شريك له)) كذلك حال، أو مصدر. قوله:((وهزم الأحزاب وحده)) ((مح)): هم الذين تحزبوا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، فهزمهم الله وحده من غير قتال المسلمين، ولا سبب منهم.