للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً

غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا

بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟)) قالوا: نشهد

ــ

الحجاب. وليس المراد بوطء الفراش نفس الزنا؛ لأن ذلك محرم علي الوجوه كلها، فلا معنى لاشتراط الكراهة فيه، ولو كان ذلك لم يكن الضرب فيه ضرباً غير مبرح، وإنما كان فيه الحد والضرب المبرح هو الشديد.

: ((مح)) النهي يتناول الرجال والنساء جميعاً، وهكذا المسألة عند الفقهاء؛ لأنها لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة، محرم وغيرها في دخول منزل الزوج، إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه؛ لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن، أو عرف رضاه بالظن، أو العرف، ومتى حصل الشك في الرضا لا يحل الدخول ولا الإذن. أقول: ظاهر قوله: ((أن لا يوطئن فرشكم أحداً)) مشعر بالكناية عن الجماع، فعبر به عن عدم الإذن مطلقاً تغليظاً وتشديداً.

قوله: ((غير مبرح)) هو من برح به السوق تبريحاً، إذا اشتد عليه بحيث جهده، وبرحاء الوحي شدته. ((مح)): فيه إباحة ضربها للتأديب، فلو ضربها الضرب المأذون فيه فماتت منه، وجبت الدية علي العاقلة والكفارة علة الضارب.

قوله: ((لن تضلوا بعده)) أي بعد التمسك به، والعمل بما فيه، و ((كتاب)) بدل أو بيان لـ ((ما)) وفي التفسير بعد الإبهام تفخيم لشأن القرآن، وفي تعقيب هذا الكلام أعني ((وقد تركت فيكم)) الكلام السابق تعميم بعد التخصيص. قوله: ((وأنتم تسألون عني)) عطف علي مقدر، أي قد بلغت ما أرسلن به إليكم جميعاً، غير تارك لشيء مما بعثني الله به، وأنتم تسألون عن ذلك يوم القيامة، هل بلغكم محمد جميع ما أمر به أن يبلغ إليكم؟ كما قال الله تعالي: {يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل} أي إن لم تبلغ الجميع {فما بلغت رسالته}؛ لأنك كتمت شيئاً ما أنزل إليك، فما بلغت جميع ما أنزل إليك. و ((الفاء)) في قوله: ((فما أنتم قائلون)) يدل علي هذا المحذوف، أي إذا كان الأمر علي هذا، فبأي شيء تجيبونه؟ ومن ثم طبق جوابهم السؤال، فأتوا بالألفاظ الجامعة، أي بلغت ما أنزل إليك، وأديت ما كان عليك، وزدت علي ذلك بما نصحتنا من السنن، والآداب، وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>