للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً، حتى غاب القرص، وأردف أسامة، ودفع حتى أتى المزدلفة. فصلي بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلي الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام،

ــ

جزء من أرض عرفات، والفضيلة الوقوف علي موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن عجز فالأقرب والأقرب، ومنها استحباب استقبال الكعبة، ومنها الوقوف عليها حتى الغروب الكامل، فلو أفاض قبل الغروب صح الوقوف، ويجبر بدم، والأصح أنه سنة. وأما وقت الوقوف فمن وقت الزوال في يوم عرفة، وطلوع الفجر الثاني من يوم النحر، ومن فاته فاته الحج.

قوله: ((حتى غاب القرص)) ((مح)): قال القاضي عياض: لعل صوابه حين غاب القرص، قال: ويحتمل أن يكون الكلام علي ظاهره، وقوله: ((حتى غاب القرص)) بياناً لقوله: ((غربت الشمس، وذهبت الصفرة)) فإن ذلك قد يطلق مجازاً علي مغيب معظم القرص، فأزال ذلك الاحتمال بقوله: ((حتى غاب القرص)).

قوله: ((ودفع)) ((نه)): أب ابتدأ السير، ودفع نفسه ونحاها، أو دفع ناقته وحملها علي السير، و ((المزدلفة)) هي منزل بين عرفات ومنى، سمي مزدلفة؛ لأنه يتقرب فيها. ((مح)): قيل: سميت بها؛ لمجيء الناس إليها في زلف الليل، وسميت أيضاً بجمع، لاجتماع الناس فيها، والمزدلفة كلها من الحرم. وقال جمع من العلماء: حد مزدلفة ما بين مأزمي عرفة ووادي محسر، وليس الحدان منها، ويدخل في المزدلفة جميع تلك الشعاب، والجبال الداخلة في الحد المذكور.

وفي هذا الفصل فوائد: منها أن السنة للداخل من عرفات أن يؤخر المغرب إلي وقت العشاء بنية الجمع، وقال أصحابنا: ولو جمع بينهما في وقت المغرب في أرض عرفات، أو في موضع آخر، أو صلي كل واحدة في وقتها جاز، لكنه خلاف الأفضل. وللأئمة في المسألة خلاف. وأما قوله: ((فلم يسبح بينهما)) فمعناه لم يصل بينهما النافلة والنافلة تسمى سبحة، واختلفوا قي أن الموالاة بين الصلاتين شرط أم لا، لكن لم يختلفوا في اشتراطها إذا جمع بينهما في الوقت الأول.

قوله: ((ثم اضطجع)) ((مح)): لم يختلفوا في أن المبيت بمزدلفة ليلة النحر نسك، لكن اختلفوا هل هو واجب أم ركن أم سنة؟ والصحيح من قول الشافعي رضي الله عنه: أنه واجب ولو تركه أثم ولزمه دم، وصح حجه. وقال جماعة من أصحابنا: أنه ركن لا يصح الحج إلا به. قوله: ((أسفر)) ضمير الفاعل للفجر، و ((جداً)) حال، أي مبالغاً، أو صفة مصدر محذوف أي إسفاراً بليغاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>