للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاستقبل القبلة، فدعاه، وكبره، وهلله، ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج علي الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن

الوادي، ثم انصرف إلي المنحر، فنحر ثلاثاً وستين بدنةً بيده، ثم أعطى علياً، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه،

ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها. ثم ركب

ــ

قوله: ((بطن محسر)) ((مح)): هو بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة المهملتين، سمي بذلك؛ لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي أعيى وكل. قوله: ((الطريق الوسطى)) ((مح)): هو غير الطريق الذي ذهب فيه إلي عرفات، وهذا معنى قول أصحابنا: يذهب إلي عرفات في طريق ضب، ويرجع في طريق المأزمين. قوله: ((حصى الخذف)) بدل من ((حصيات)) وهو نحو حبة الباقلاء، ينبغي أن لا تكون أصغر ولا أكبر منها. أقول: يريد أن الإضافة فيه للبيان بمعنى من. ((تو)): ((الخذف)) بالخاء والذال المعجمتين، الرمي بالأصابع، يريد أن كل حصاة كانت كالتي يجعلها الإنسان علي إصبعه فرمى بها. ((مح)): فيه أن يكون المرمي به حجراً، وفيه أن التكبير بينهما سنة، ويجب التفريق بينهما، فإن رماها رمية واحدة حسبت واحدة، ومذهبنا أن الرمي واجب وليس بركن، فإن تركه حتى فاتت أيام الرمي عصى، ولزمه دم.

قوله: ((ما غبر)) أي ما بقي، والغبور البقاء والمضي، وهو من الأضداد. ((مح)): فيه استحباب ذبح هديه بنفسه، وجواز الاستنابة فيه، واستحباب تعجيل ذبح الهدايا يوم النحر وإن كانت كثيرة. وأما قوله: ((وأشركه في هديه)) فظاهره أنه شاركه في نفس الهدي. وقال القاضي عياض: وعندي أنه لم يكن تشريكاً حقيقياً، بل أعطاه قدراً يذبحه. و ((البضعة)) بفتح الباء، القطعة من اللحم. وفيه استحباب الأكل من هدي التطوع وأضحيته. قوله: ((فأكلا من لحمها وشربا من مرقها)) ((مظ)): الضمير المؤنث يعود إلي القدر؛ لأنها مؤنث سماعي. أقول: ويحتمل أن يعود الضمير إلي الهدايا. ((مح)): قالوا: لما كان الأكل من كل واحدة سنة، وفي الجمع بينها كلفة، جعلت في قدر ليكون الشرب مع مرق الجميع الذي فيه جزء من كل واحدة، والأكل من اللحوم المجتمعة متيسر.

قوله: ((فأفاض)) أي أسرع إلي الكعبة للطواف الفرض، ((وطاف فصلي)) ففيه إضمار. ((مح)):

هو ركن من أركان الحج بالإجماع، ويجوز الطواف في جميع يوم النحر بلا كراهة، ويكره

تأخيره عنه بلا عذر، وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة، ولا يحرم تأخيره سنين متطاولة، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>