رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلي البيت، فصلي بمكة الظهر، فأتى علي بني عبد المطلب يسقون علي زمزم، فقال:((انزعوا بني عبد المطلب! فلولا أن يغلبكم الناس علي سقايتكم لنزعت معكم)). فناولوه دلواً فشرب منه. رواه مسلم.
٢٥٥٦ - وعن عائشة [رضي الله عنها] قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في
حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلي الله
عليه وسلم:((من أهل بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهل بالحج مع
ــ
آخر لوقته، بل يصح ما دام الإنسان حياً، وشرط أن يكون بعد الوقوف بعرفات، ولا يشترط فيه الرمل، ولا الاضطباع، إذا كان قد رمل واضطبع في طواف القدوم، ولو طاف للوداع أو التطوع، وعليه طواف الإفاضة، وضع عنه طواف الإفاضة بلا خلاف عندنا بنص الشافعي رضي الله عنه، وقال أبو حنيفة وأكثر العلماء: لا يجزئ طواف الإفاضة بنية غيره.
قوله: ((انزعوا)) ((مح)): أي استقوا بالدلاء، وانزعوها بالرشاء. لولا خوفي أن يعتقد الناس أن النزع والاستقاء مناسك من الحج، ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم، لاستقيت معكم لكثرة فضيلته، وفيه استحباب شرب ماء زمزم، وسميت به لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم وزموم وزمام، إذا كان كثيراً. وقيل: إنها غير مشتقة.
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ولا بين الصفا والمروة)) عطف علي النفي علي تقدير ((ولم أسع)) وهو من باب ((علفتها تبناً وماءً بارداً))، ويجوز أن يقدر ((ولم أطف)) علي المنفي قبله علي طريق المجاز، لما سيجيء في الحديث الذي يتلوه ((فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف)). وإنما ذهبنا إلي التقدير دون الانسحاب لئلا يلزم استعمال اللفظ الواحد حقيقة ومجازاً في حالة واحدة. وقوله:((فلم أزل)) عطف علي ((حضت)) أي حضت فاستمر حيضي.
قوله:((ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى يحل بنحر يهديه)) ((مح)): هذا ظاهره الدلالة علي مذهب أبي حنيفة وأحمد وموافقيهما، ومذهب مالك والشافعي وموافقيهما: أن المعتمر إذا طاف وسعى وحلق، حل وحل له كل شيء في الحال، سواء ساق هدياً أم لا، واحتجوا بالقياس علي من لم يسق الهدي، وبأنه تحلل من نسكه فوجب أن يحل له كل شيء .. قالوا: إن هذه الرواية مختصرة من الرواية التي ذكرها مسلم بعدها، والتي قبلها عن عائشة قالت: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه هدي فليهلل بالحج والعمر، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً، فهذه الرواية مفسرة للمحذوف من الرواية التي احتج بها أبو حنيفة، وتقديرها: ومن أحرم بعمرة وأهدى، فليهلل بالحج، ولا يحل حتى ينحر هديه. ولابد من هذا التأويل؛ لأن القضية واحدة، والراوي واحد، فيتعين الجمع بين الروايتين علي ما ذكرناه.