فيقول الملائكة: يا رب! فلان كان يرهق، وفلان، وفلانة، قال: يقول الله عز وجل: قد غفرت لهم)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((فما من يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة)). رواه في شرح السنة. [٢٦٠١]
الفصل الثالث
٢٦٠٢ - عن عائشة قالت: كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، فكان سائر العرب يقفون بعرفة. فلما جاء الإسلام أمر الله تعالي نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، فيقف بها، ثم يفيض منها، فذلك قوله عز وجل:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} متفق عليه.
ــ
ويقال: فيه رهق أي غشيان للمحارم، ويقال للفاعل: المرهق بتشديد الهاء، وتخفيفها أيضاً، وبلي مفتوحة في الصيغتين. وقول الملائكة هذا علي سبيل الاستعلام، ليعلموا: هل دخل ذلك المرهق في جملتهم ببركة ذلك اليوم أم لا؟ وسألوه عن طريق التعجب- انتهي كلامه-. قالوه تعجباً منهم؛ لعظم الجريمة، ولم يعرفوا أن الحج يهدم ما كان قبله من الذنوب.
((قض)): في تعبيرهم الفواحش بالترهيق أدب من آداب أرباب الكمال بأن لا يصرحوا بمعايب أرباب العيوب، ولا يبثوا بفجور أصحاب الذنوب وإن كانوا واقفين مطلعين عليها. قوله:((فما من يوم)) الفاء جواب شرط محذوف، و ((أكثر)) خبر ((ما))، والضمير المستتر عائد إلي ((يوم))، و ((عتيقاً)) تمييز، إما بمعنى الفاعل أو المفعول علي الإسناد المجازي؛ لأن العتق واقع فيه مبالغة في تعظيم اليوم كما في قوله تعالي:{يوماً يجعل الولدان شيباً}.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ومن دان دينها)) ((نه)): أي اتبعهم في دينهم، ووافقهم عليه، واتخذ دينهم له ديناً وعبادة. و ((الحمس)) جمع أحمس وهو قريش، وأصلها الشجاعة والشدة. والإفاضة الزحف، والدفع في السير بكثرة، ولا يكون إلا عن تفرق وجمع، وأصلها الصب، فاستعيرت للدفع في السير، وأصله أفاض نفسه وراحلته، فرفضوا ذكر المفعول حتى أسبه غير المتعدى. قوله:((فذلك)) الفاء تعقيب للتفصيل بالمجمل، أي المذكور تفصيل وتفسير لقوله تعالي:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} أي فلتكن إفاضتكم من حيث أفاض الناس، ولا تكن من المزدلفة، بل عرفة.