للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٣٥ - وعن ابن عباس [رضي الله عنهما]، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر بدنة مع رجل وأمره فيها. فقال: يارسول الله كيف أصنع بما أبدع علي منها؟ قال: ((انحرها، ثم اصبغ نعليها في دمها، ثم اجعلها علي صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك)) رواه مسلم.

((حتى تجد)) غاية، ومتعلقها جواب الشرط المحذوف الدال عليه قوله: ((اركبها بالمعروف)). ويجوز أن تكون ((إذا)) ظرفا، والحديث الأول مطلق، والثاني مقيد، والمطلق محمول علي المقيد.

((مح)): مذهب الشافعي أنه يركبها إذا احتاج، ولا يركبها من عير حاجة، وإنما يركبها بالمعروف من غير إضرار، وبهذا قال ابن المنذر وجماعة، وهو رواية عن مالك، وقال عروة بن الزبير ومالك في الرواية الأخرى وأحمد وإسحاق: له ركوبها من غير حاجة بحيث لا يضر بها، وبه قال أهل الظاهر، وقال أبو حنيفة: لا يركبها إلا أن لا يجد منه بدا. وأما قوله: ((ويلك اركبها)) فهي كلمة تقال فيمن وقع في هلكة، وقيل: هي كلمة تجري علي اللسان من غير قصد إلي ما وضعت له أولا من الدعاء عليه، كقولهم: لا أبا له، وتربت يداه، وما أشبه ذلك.

الحديث التاسع عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله ((ستة عشر بدنة)) وفي المصابح ((ستة عشرة)) وجاز الأمران؛ لأن البدنة يستوي فيها الذكر والأنثى. قوله: ((مع رجل)) (قض) قيل: إنه ناجية بن جندب الأسلمي، ((وأمره فيها)) أي جعله أميرا فيها، ((بما أبدع علي)) أي عطب، من قولهم: أبدعت الراحلة، إذا انقطعت عن السير بكلال أو ضلع، كأنها بانقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير أمرا خارجا عما اعتيد منها وألف، وحذف الراجع إلي الموصول الذي هو فاعل ((أبدع)) وبنى الفعل للمفعول، وأسند إلي الجار والمجرور الأول، كما أسند في نحو سير بزيد. وإنما جاز وقوع هذه الجملة صلة، وهي خالية عن الراجع؛ لأنها في معنى عطب المتضمن له، وقد جاءت الرواية به، ونظيرة: هذا حلو حامض، فإن كل واحد منهما حال عن الراجع، لعدم استقلاله، وإنما صح وقوع المجموع خبراً؛ لأنه في معنى [المر] * المتضمن له.

وإنما قال: ((علي)) والمستعمل أبدع لي؛ لأن عطب كل عليه، وللفرق بين انقطاع الراحلة وانقطاع ما يسوقه. وقوله: ((اصبغ نعليها)) وقد ضمن معنى اغمس، وعداه بـ ((في)) أي اغمس النعلين المقلد بهما، ونهي السائق ورفقته عن الأكل منها، قطعا ُ لأطماعهم حتى لا يحملهم القرم** علي اللحم علي الاستعجال في النحر، ودفعاً للتهمة عنهم، ولهذا إذا أبدع علي المالك في الطريق ويذبحه ليس له، ولا لأحد من أهل رفقته أن يأكلوا منه، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، إذا كان هدياً أوجبه علي نفسه، فإن كان تطوعاً فله أن يتموله ويأكل منه ولا شيء عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>